أن تفقد وتشعر بمرارة الفقد بداخلك أن تنظر لما حولك فلا تجد أشخاص تحبهم أو ممتلكاتك التي تحبها أو حين تفقد وظيفتك التي طمحت لها كثيرا أن يكون الفراغ يرافقك دائما أو لفترات مؤقته قصيرة أو طويلة، كيف من الممكن أن نتعامل مع الفقد، ونتقبل الخسارة، ونرضى بالعوض القادم، مسلمين أمورنا كلها لله بيقين تام بحكمته وحسن تدبيره للأمور كلها، ليس الأمر بأن تفقد ممتلكات عادية أو أن تفقد جوالك أو بيتك أو يموت ولدك أو صديقك، ولكن الأمر يعظم أثره بمدى أهمية ما فقدته، ومدى تأثير هذه الممتلكات أو الأشخاص الإيجابي أو العطاء والمسانده في حياتك، ومدى إحتياجك إليه، في يوم ما فقدت والدي فقدا أبديا، كان يعز علي في البداية أن لا أراه أو أسمع صوته، كنت أرى طيفه في جميع الزوايا والأماكن، شعرت بصعوبة بالغه في إكمال مسيرة حياتي لوحدي ودون وجوده، كنت دوما أنظر للماضي وروعته وجماله وأتسائل كيف ستكون حياتي الباقية خاليه من أبي، خاليه من عطائه، من مساندته، من حنانه وعطفه، ولكن بعد ٥ سنوات قررت ترك الماضي والنظر للحاضر، لا جدوى من الألم ولا من الدموع، كل ذلك الحزن كان يفقدني حياتي وحاضري، قررت النظر للأمر بشكل إيجابي وتجاوز ما حدث والرضا به، أن يبقى والدي معي بشكل إيجابي، أن أتذكره دوما بدعواتي، والإستغفار له، والصدقة عنه وذكره بالخير، للفقد وقع في القلب له تأثير على حياة الإنسان وقد لا تعود حياته كما كانت من قبل، ولكن دائما حين تفقد أمورا معينة أو أشخاصا تتفتح أمامك بعد هذا الفقد خيارات واسعة وأبواب عديدة، وقد لن تكون ستحصل عليها في وجود ما فقدته في حياتك، ولربما تكون أفضل من تلك التي فقدت، عوض الله واسع ومرضي، وجبره يبرئ القلب من أحزانه وألامه، يبدل خوفك بأمان، وفراغ قلبك لإمتلاء، دوما ولد لديك الجاهزية لسرعة التخلي عن ما فقدت والرضى به والنظر لكل الأبواب التي ستفتح بعد ذلك، لا يوجد باب يغلق إلا كانت هناك أبواب عدة ستفتح، عليك أن تتيقن بذلك، الأبواب المغلقة لم تغلق لتبقى عندها بل أن تبحث عن غيرها إن حاولت جاهدا أن تفتحها ولم تفتح، ما فقدناه لم يكن مكتوبا لنا في بقية عمرنا لحكمة إلهيه ولخير عظيم قد لا نعلمه، يكفي إن وهبنا الله إياه أياما أو سنوات لنهنأ به، ولكن حين ينتهي هناك أمورا أخرى سننعم بها، وهذه سنة الله في التغيير وعدم ثبات الحال وتغير الأحوال والأمور وإبتعاد الأشخاص، في بدايات الفقد تكون المشاعر متأججة قوية وقد يصعب التعامل معها، ومن الحكمة أن تقبل المشاعر السلبية في وقتها الحاضر وتسمح لنفسك بعيشها وتفريغها والبكاء والحزن لتعبر عن شعورك وتتجنب قمعه وكبته لكي لا يؤدي بعد ذلك لتراكمات وعقد ومشاكل نفسيه وظغط، ليستثار بعد ذلك عند كل حدث وموقف مشابه، ويطفو على السطح مرات عديدة، عليك أن تنهي كل ذلك بعيشه وحسب بالتعبير عن الألم والفقد والخسارة لكي تنتهي تلك الفتره بكامل مشاعرها، ثم بعد ذلك يأتي النهوض إذ لا يجدر بك أن تبقى في هذه المرحلة المؤلمة لفترات طويلة، يجب عليك تخطيها بقوة، ورؤية الحياة من جديد بجانبها المزهر الجذاب للعيش بمختلف النعم التي ما زلت تمتلكها ولم تخسرها بعد، والحقيقة المصغرة أنه خلف كل تجارب الحياة سواء كانت سعيدة أو مؤلمة تبقي من أثارها في حياتنا وعلى أرواحنا، مما يضيف لحياتنا خبرات وتجارب متراكمة نتعلم منها ونستقصي الأثر منها، والسعيد من يجد الأثر الجيد ويختار القصة والسيناريو لإكمال قصة ما بعد الفقد، والتعلم من تجارب الحياة بشكل إيجابي نستدل من أثرها لتجاربنا القادمة لنحضى بمستقبل أفضل نحو حياة أفضل، اللهم أرحم والدي رحمة واسعة وأجعل قبره في نور وضياء وسعة اللهم أجعل قبره روضه من رياض الجنة وأغفرله، اللهم إنه كان محسنا إلي كريما رحيما، فجازه بالإحسان إحسانا وأكرمه وأرحمه، اللهم أنعم عليه بجنات النعيم.