هذا قول عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، وأنها كانت تطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه، أي قبل ارتدائه إحرامه، وكما مر معنا في حينه، وها هي الآن تطيبه بعد رمي جمرة العقبة، يوم النحر يوم العاشر من ذي الحجة، وبعد أن أتم نحره صلى الله عليه وسلم، وقبل أن يطوف بالبيت طواف الإفاضة. وهذا الذي يسمونه التحلل الأول، والذي به يحل كل شيء للحاج إلا النساء، وريثما ينتهي من التحلل الثاني، بعد طواف الإفاضة.
وقال الله تعالى ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: 197]. والرفث هو الجماع.
وبه دل على جواز التطيب بعد رمي جمرة العقبة والنحر والحلق أو التقصير من يوم النحر، وبه دل على عدم شرعية الطيب اثناء الإحرام.
فعن عائشة أم المؤمنين: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة في حجة الوداع، للحل والإحرام. []. [صحيح البخاري: 5930].
قالت عائشة أم المؤمنين: أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين لإحرامه حين أحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت. []. [اختلاف الحديث، الإمام الشافعي: 10/235]. خلاصة حكم المحدث: ثابت.
وهذا هدي نبوي، وهذا سنن محمدي، ودلالة على كم هي قيمة الطيب في حياة المسلم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: حبب إليَّ من الدنيا، النساء، والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة. []. [صحيح النسائي، الألباني: 3949].
وهذا فعل المرأة المسلمة مع زوجها، وحين قامت عائشة أم المؤمنين على تطييب زوجها نبي الله صلى الله عليه وسلم، وهذا عمل، وفوق أنه طيب، وإلا أنه له عمل آخر، وحين كان سببا من تأليف القلوب بين زوجين حانيين، وهذا سنن قد كانت حاجة الأسرة المسلمة إلى تفعيله، ولأنه هدي حسن! وهذا اقتداء قد نسي!
واما من واقع أهله أثناء إحرامه فإنه عليه الكفارة المغلظة، فيفعل ما تبقى من أعمال الحج، ثم يرجع عامه القابل محرما لحجه، وكذا أهله معه، ويفترقان ولا يلتقيان، وإلا بعد انقضاء نسكهما.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في رجل وقع على امرأته وهو محرم: ((اقضيا نسككما، وارجعا إلى بلدكما، فإذا كان عام قابل فاخرجا حاجين، فإذا أحرمتما فتفرقا، ولا تلتقيا حتى تقضيا نسككما واهديا هدياً. []. [المجموع النووي:7/386]. حكم المحدث: إسناده صحيح.