أعلَنوها حربًا على ماركيز!
حربا إعلامية تحاول تقزيمَ إنجازاته الفكرية والفلسفية، أو بالأحرى حربا كلامية تحاول إظهاره في ثوب المتكبِّر، وأحيانا حربا دعائية مغرضَةً ترغب في تصوير الأستاذ ماركيز في صورة المجنون؛ ولكنَّ كلَّ هذه الحروب، ودون أيِّ استثناءٍ، يفوز فيها هذا الفيلسوف بشكل مُبهِر، لأنَّه وببساطة: أعداؤه لا يرتقون إلى مقامه، هُم فقراء فكريا، فكيف لهُم مواجهة أحد النبلاء؟ طبعًا لا يستطيعون ذلك! لكنَّهُم يحاولون لأنَّ الغيض يأكُل قلوبَهم الميِّتة كما تأكل السوسة جذع الشجرة اليابس.
منذ فترة حاول أحد الجاهلين مِن أبناء القراصنة البؤساء أن يقارع الفيلسوف ماركيز في مجاله، لكنَّه عاد خائبا رافعا العويل والولولة كعاهرة قدَّمت جسمها بالمجان، فراحت تنتحب سوء حظها، وبالمقابل لم يخرج الأستاذ ماركيز منتصرا من هذه المواجهة فحسب، بل كشف النِّقاب عن الدَّرَكِ الذي وصل إليه مستوى جهل جامعة القراصنة، راسما صورة مرعبة لأجيال تجاوزوا الجهل المركَّب بكثير، حتى أنَّهم صاروا جاهلين بالسليقة والضرورة؛ إنَّها طبيعة الأشياء، ففاقِد المعرفة مِن أين له أن يقدِّمها للآخرين؟
ما لم يفهمه القراصنة، هو أنَّ الأستاذ ماركيز يعمل بجهده الخاص وبعزيمة قلَّ نظيرها على أرض القراصنة، هو يسخِّرُ كلَّ إمكاناته العقلية والشعورية لخدمة مشروعه الفلسفي القائم على العقل، إذ هو يثق في عقله إلى الحدِّ الأقصى، معطيا له حقَّ الفيتو في كافة مسائل الحياة المختلفة، وهذا يبقى عصيا على مَن اعتادوا المرح وسط أوحال الجهالة الصماء والتفاهة الضائعة.
لا يزال الأستاذ ماركيز يدركُ خطورة أن يتعامل مع الجاهلين على كافة المستويات في حياته اليومية، بل هو يعرف تمام المعرفة بأنَّ مَن يعاديه وإن كثرت الحجج، إلاَّ أنَّ السبب الخفي لهؤلاء الأعداء هو أمر مشتركٌ بينهم، ألا وهو عجزه على امتلاكِ تلك الطاقة التي جعلت مِن ماركيز يعلو على الجميع عبر تفانيه الكامل في القراءة وعبر اللغات المختلفة؛ أَيْ أنَّ المسألة قد صارت مفهومة وواضحة: الكلُّ يرغب في هزيمة ماركيز، لكن عبر إطلاق الإشاعات فقط.
لو تنازَل الأستاذ ماركيز عن كرامته الفكرية لكان اليوم أستاذا جامعيا برُتبة كذّابٍ ينشر كذبه بين أوساط طلبته، لكنَّ ضميره الفلسفي جعله يترفَّعُ عن مِثل هذه التفاهات، ودفعه نحو الابتعاد عن قوائم الترشيحات لتلك المسابقات الأكاديمية البائسة/اليائسة التي يدفعُ الناجحون فيها إمَّا رشاوى لأصحاب القرار، أو يستعينون بالمعارف والوسائط، والفتيات يدفعن هذا الثمن مِن أجسامهنَّ لقاء كلمة "دكتور"، لكنَّ الأستاذ ماركيز لا يزال مصرا على البقاء بعيدا عن هذه المصائب التي يغرق فيها قومه حتى الأعناق، دون دراية منهم للأسف!
لم يجد الأستاذ ماركيز أكثر خطورة بين أعدائه مِن ذلك العدوِّ المُضمَر الذي يتجسَّدُ في صورة كافة البشر، والذين يعملون جاهدين على إسقاطه في فخِّ كلام خرافةٍ على طريقة القراصنة الرديئة، وهذا ما جعل أعداءَه يجتمعون على مواجهته، لقد بات خَطَرًا ناعمًا يكشطُ تلك الصور الكاذبة التي يحاولون تلوينها بألوان العلوم المزوَّرة والمعارف المفبركة، وهذا ما أدَّى إلى تصاعد تلك الحَمَلات الكلامية ضدَّه، لقد نجح الأستاذ ماركيز في وضع كلَّ مَن يحيطون به في حفرة المُبهَمِ والغامض، وهذا أسوء سيناريو كان سيحدث للقراصنة على يد فيلسوفٍ مِثل ماركيز.
تلك الهجمات التي تسقُطُ كالسِّهام على رأس ماركيز لا تزيده سوى إصرارا على مواصلة دربه الفلسفي حتى النهاية، إن ما تمَّ اتهامه بالجنون، فالأستاذ يعترف عَلَنًا بأنَّه مجنون (the genius)، وإن كانت تهمته بأنَّه ينحاز كليا إلى العقل، فهذا توجهه الذي دافع عنه منذ بداية خطِّه لحروفه الأولى في هذه الحياة، وإن كان يراه البعض بأنَّه متكبِّر، فذلك شأنهم، لكن ما هو ثابت، هو أنَّ ماركيز يمضي على طريق مسيرته، وبالبقية لا يهمه أمرها ولا يربطه بها سوى ذلك الشعور العميق بالشفقة، نعم أيُّها السادة: الأستاذ ماركيز يشفق على القراصنة كثيرا.