تضع الأيّام أمام الفرد الإنساني الكثير من العراقيل والمطبات، تجعله يعاني بطريقة فجّة وفي أحيان كثيرة، يصبح هذا الفرد غير قادر على التعبير وصياغة الكلمات، يحمل بداخله الكثير من الآهات والآلام، يحاول بكافة قواه أن يبقى باقيا على ما عاهد ذاته به، وبين هذه الأهوال كلها، يسير على ذلك الخيط الرفيع، فيصعد إلى أهدافه، ولو على حساب جزء أو أجزاء منه، لأنَّها القدرة الخفية التي تدفع الإنسان نحو ما يتمنَّاه ويعمل على تحقيقه.

تُساور الفرد الإنساني الكثير مِن الأماني، ولكن؛ وفي خضم معارك البقاء، يجد نفسه غير قادر على تحقيقها، فتراه ينكمش ويتقوقع على ذاته المرهقة والمنهكة أصلا، ليعيد ترتيب الأحقية والأولويات، لكنَّ قوَّةً بداخله، تجعله يخطو خطوات هائلة، تساعده على فهم كافة الأمور أو معظمها، لتقفز به باتجاه ما رغب فيه وما تمنَّاه.

تلك الطاقة الحيوية ما نسمِّيه بـ: الأَمَل، أين يعيد الفرد الإنساني لذاته المتعبة بعضا من الطاقة والقوة مِن أجل مواصلة السير على تلك الطريق التي تؤدي به إلى ما يعمل على تحقيقه، فالأمل هو الوازع الوحيد والأخَّاذ الذي يجعل الإنسان قادرا على صياغة مبادئه دفعة واحدة، ليعطي لنفسه الفرصة في بناء ما ينشد بناءه وبالطريقة التي يراها مناسبة.

قد لا يكفي الإنسان أن يتأمَّل الوقائع ليبني حساباته، وقد لا تكفيه المخططات والآمال مِن أجل بلوغه ما يصبو إليه، ولكنَّها تمثِّل ذلك المكان الذي يحمله الفرد في قلبه بجوار الإيمان، فيعتلي هدفه بواسطة ما تبقى لديه مِن حسابات تجعل من ذاته مشروعا حقيقيا قابلا للتطوير والبروز إلى النور.

يحتاج الإنسان إلى دافع للحياة كلَّ حين، وتجدد هذا الدافع مرهون بمدى امتلاك الفرد لتلك القدرة على التحمُّل، تحمُّل ما يصيبه من عثرات ومِن تعثُّرات، حتى يصل به الأمر على فترات إلى الوقوف على عتبات اليأس، فيصبح مِن الضرورة بمكان الوقوف على تلك الآلة التي تدفعه نحو ما يرغب فيه، وكأنَّها تولِّد بداخله تلك الدافعية للبقاء على قيد العمل والتقدّم نحو ما يريد ويشاء.

ليس مِن السَّهل أن يمتلك الإنسان كلَّ حين تلك الطاقة التي عليه أن تتجدَّد لأجل مواصلة الدرب حتى النهاية، وهنا مكمن الاختلاف بين البشر، وهذا ما يصنع الفرق بين الناجح من جهة والفاشل من جهات متعددة، هذا ما يجعل الأفراد تنقسم إلى مجموعات قد تصل إلى حدود التناقضات على فترات كثيرة، معلنة عن صدامات يكون سببها الأحقاد على اختلافها، وهذا ما يجعل الإنسان يكيد للإنسان مثله كيدا.

تلك المنافسة وذلك الاصطدام الناتج على صدامات مختلفة، هو ما يحمل إلى الفرد الكثير من المؤثرات والتأثيرات، وهو الذي يصنع منه البطل الذي يتغنَّى بما حققه أو الفاشل المنبوذ الذي يخجل من سرد تجاربه التي هوت به إلى القاع؛ وهنا يجد الإنسان ذاته أمام مفترق طرق رهيب، احداها يقوده إلى المجد، والآخر يقوده إلى الهاوية.

عزيزي القارئ... عليك أن تجدِّد مخزونكَ مِن الأمل كلَّ حين، عليكَ أن تحمل قدراتك في كفة قَدَرِك ومدى جاهزيتك لخوض الصعاب بالكفَّة الأخرى، وعليك أن توازن بين ما أنت مقبل عليه وما هو تحت تصرُّفك حتى تقترب من اسقاط ما هو لديه على الواقع الذي هو أمامكـ.

الثقة بالنفس هي الفتاة المدللة التي تنتج على الإيمان والأمل، وهي التي تلعب الدور الحاسم في توجيه حياة الفرد الإنساني باتجاه المأمول منه، كما أنَّ لها القدرة الكافية لتدميره والعمل على فنائه، لهذا على الإنسان أن يعمل على التزوُّد بالزاد السليم والسير على الطريق المقبول حتى يضمن الوصول إلى نتائج مقبولة للغاية.

مزوار محمد سعيد

مؤلِّف: قاتلي يتدرَّب في شيكاغو