- مقدمة:
باستثمارها لرغبة الإنسان وحاجته الملحة للانتماء، حققت أدوات التواصل الحديثة قفزات كبيرة ليس في أرباحها وعلاماتها التجارية فحسب، بل في تعزيز العلاقات الإنسانية أيضًا، وبمستوى غير مسبوق وقابل للتطور. وسنكون مدينين لها بالكثير من نجاحاتنا، ومن ذلك ما يجري بيننا من تثاقف وتبادل معرفي سهل، بفضل أدوات قربت المسافات وجمعت فضاءات واسعة في لوحات صغيرة.
قد تكون استفادة الإنسان من وسائل التواصل، في تعزيز حاجته للانتماء، غير راشدة حسبما هو مشاهد، وقد يعود ذلك إلى طبيعة المجتمعات المتشكلة قبل طفرة الاتصالات ووفرتها. وعادة ما تُحدث المنتجات أو الأوضاع الجديدة شيئًا من الاضطراب في الواقع السابق، ريثما يحدث تناغم تدريجي أو بتأثير قوة خارجية قاهرة.
(1)
- فيسبوك.. رؤية جديدة للصداقة:
حسب موقع التواصل الأول والاكثر شهرة، فإن مجرد التواصل الاسفيري بين شخصين، يوصف بالصداقة.. ليتجاوز الفيس كل ما يمكن ان يكون معيقا للصداقات، ويقفز بفكرته الواسعة تلك، على كل خطوط التوجس الاجتماعي الشائعة في أدبيات التواصل.
في مراحل ثقافية سابقة، شاع الاهتمام بمواصفات الصديق ومتطلبات الصداقة، وإن كان ذلك في خضم التفاعلات الاجتماعية ذات الهرمية والاتجاه الواحد، إلا أن تأثيرها ما يزال مسيطرا إلى حد ما.. ولملاحظة ذلك فإن على المهتم أن يقرأ مستوى (الشكوى) من الأصدقاء.. وتمترس كل طرف في خندق فكرته عن الصداقة وتصوره لها.
في عالم التواصل الافتراضي، ارتفعت قيمة (محتوى الصداقة) وموضوعها على حساب فكرة المتطلبات والمواصفات المفترضة في الصديق.. وهذه ناحية في غاية الأهمية لا سيما وأنها تعمل في اتجاه تعزيز التواصل كقيمة منفصلة عن المواصفات الكلية لكل شخص على حدة.. إضافة إلى تعزيزها للمحتوى والمنتجات الثقافية المشتركة.. وتمتد قيمة ما أفرزه التواصل الاليكتروني، إلى تحجيمه لفرضية الاوزان الاجتماعية من قبيل الجيل والعمر والوظيفة ونحوها من المظاهر الاجتماعية الأخرى.
بعد 15 عاما من إطلاق الحاج (مارك) لموقعه الاجتماعي، أصبحت ثلاثة أجيال تقريبا من مختلف البقاع، أسيرة لكوكبه الأزرق، متماهية مع فلسفته في التواصل الاجتماعي. ولم يقتصر التفاعل على الأجيال بمفهومها الأسري فقط، بل تعدى ذلك إلى الأجيال المعرفية والمهنية أيضا.
(2)
- مجموعات فيسبوك.. فرق عمل كبيرة:
بمجرد دخولك إلى جدارك الشخصي في منصة فيسبوك، تتوارد إليك إشعارات وتنبيهات لا تخلو من عبارة «تمت دعوتك أو إضافتك إلى مجموعة …» وذلك دون طلب منك بطبيعة الحال، لكنك وبحكم إنسانيتك لابد أن تكون عضوًا في (جروب).
إن انتماءك إلى أي من الفئات والمجموعات سيتيح لك فرصًا غير محدودة للتواصل وتبادل الأفكار ومساندة الآخرين، إضافة إلى ما يوفره لك من فضاء لترويج معارفك ومنتجاتك وتسويقها بأقل تكلفة وأوفر جهد.
أن تكون عضوًا في (جروب) ولنسميه فريقًا بلغة الإدارة، يعني أن حاجتك النفسية إلى الانتماء قد توفرت، ولم تعد مؤرقًا يستهلك فكرك وطاقاتك.
أن تكون عضوًا في فريق، يعني أن ما تقدمه في (الإطار) سيجد اهتمامًا خاصًا، ليس لكونه جيدًا دائمًا، وإنما لكونك عضوًا تشكلت لك حقوق انتمائية خاصة، وكم في ذلك من تحفيز ودعم لمنتجاتك ولشخصك تبعًا لذلك.
أن تكون عضوًا في فريق يعني حصولك على استشارات مجانية وباستمرار، ومن أطراف تحس بانتمائك، وتشعر بقربى، وكلما كانت مجموعتك كبيرة نسبيًا كلما زادت فرص استفادتك من وفرة الخبرات والمعارف. وحصولك عل صفة مستشار لآخرين في نفس الوقت.
عندما تصبح عضوًا في فريق، يعني أن ثمة فرصة ذهبية قد أتيحت لك لتعزيز هواية التشبيك بين الأشخاص، وتقديم خدمات متنوعة لأشخاص خارج دائرة نشاطك المهني أو الاجتماعي. إن موقع الفيسبوك، يوفر لك أداة (اقتراح أصدقاء) ولعلها من أفضل ما يقدمه الموقع من أدوات متنوعة أسهمت في تربعه على عرش التواصل الاجتماعي، وزادت من فاعليته وقوة جذبه المذهلة.
أن تصبح عضوًا في فريق في عصر الإنترنت يعني أن أمامك فرصًا كبيرة للتخلص من الانتماءات التقليدية المعطلة، والانطلاق إلى آفاق واسعة رحبة والشروع في إنجاز مشروعاتك فورًا. إن كنت طالبًا مثلًا.. ستجد مجموعات كثيرة في مجالك الدراسي، لتختار من بينها الأكثر فاعلية وانضباطًا، وتوافقًا مع مشروعك، وستجد في نفس الوقت مجموعات أخرى لمهنيين في نفس مسارك. وإن كنت ناشطًا في مجتمع، أو مهنيًا، أو صاحب قلم وإسهام معرفي، فستجد فرصًا مماثلة بالطبع، وبإمكانك المشاركة في أنشطتها، وتقديم أفكار ومقترحات لتطويرها، والقيام بدور موظف العلاقات العامة لصالحها أيضًا.
(3)
- نجاحات حقيقية في واقع افتراضي:
بهاتفه الجوال، وبمساعدة فريق من أصدقاء حقيقيين وافتراضيين، يدير طالب الثانوية أنور فريحة صفحة مهتمة بتعزيز هوايات الطلاب، مستفيدًا من موقع التواصل الأشهر: فيسبوك.
يقيم فريحة مع أسرته بمدينة عيال بخيت في السهل الذهبي الخصيب، شمالي كردفان وسط السودان، وقد أكمل المرحلة الثانوية قبل شهر واحد، وما زال في انتظار الحصول على بطاقة العبور للجامعة.
ويتوسط مدير صفحة تعزيز الهوايات، الفئة الأكثر استخدامًا للإنترنت ووسائط التواصل. ويرى فريحة أن التقنيات الحديثة أتاحت مساحات هائلة لهم كطلاب للتواصل والتعلم وتبادل الأفكار والتجارب في عالم افتراضي واسع، بمنأى عن واقع قد لا يجدون فيه اهتمامًا لائقًا بهم.
ويقوم أنور فريحة وأصدقاؤه بنشر مقالات تجريبية حسب تعبير بعضهم، في محاولات مستمرة لتنمية مهاراتهم الكتابة والتعبير. ونشرت الناشطة بالصفحة منى يحيى لزم مقالًا قصيرًا قبل أيام حول استفادتها من أدوات التواصل، ونشر كل من أيمن حماد عن علاقة الآباء بالأبناء، بينما نشرت الصفحة عدة بوستات وتعليقات لمتابعيها، وكان أحدث تعليق على جدار الصفحة لمحمد صلاح شريف أحد زملاء فريحة وأبرز أصدقائه في المدرسة.
وكان أنور فريحة نفسه قد كتب على الصفحة: حفزنا المشروع على الكتابة عما يدور في خواطرنا، وإخراج الأفكار من حالة الكمون إلى الواقع لتعزز أرواحنا الهائمة. ويضيف في لوحة تحمل صورته: تعمل الصفحة على تنمية وتطوير مهارات الطالب، ومساعدته في إبراز قدراته الشخصية.
فيسبوك، بجاذبية أدواته، كان منصة انطلاق لأنور فريحة لتعزيز اهتماماته الاجتماعية والثقافية والمهنية، وتشجيع أصدقائه. ويهتم فريحة بكل ما يكتبه أعضاء فريقه، ويعمل على ترويج كتاباتهم وتعليقاتهم، مستفيدًا مما هو متاح من تقنيات التصميم والتحرير في هاتفه الجوال. وعادة ما يستقطب نشره لبعض الأصدقاء، انضمام أصدقاء جدد لصفحته التدريبية. وبجانب زملائه في الحي وأصدقاء المدرسة، يتواصل فريحة مع عدد كبير من الأصدقاء الافتراضيين، لم يلتق بهم، وإنما تتطورت صداقته بهم عبر الفيسبوك فقط، لكنه يحرص على إضافتهم لفريق عمله، والاستفادة من رؤاهم وتجاربهم وإمكاناتهم التقنية. طالب جامعة استامفورد الدولية بتايلاند بشارة محمد صومي، نشرت له الصفحة: يساعدنا برنامج تعزيز الهوايات في اكتشاف هواياتنا ورغباتنا الدراسية والمهنية، كما يساعدنا في الاستفادة من الإنترنت في التعارف والتعلم أيضًا. وكتب الصادق يس، وهو طالب في قسم المحاسبة بجامعة كردفان: بالمشاركة في مشاريع تدريبية عبر الإنترنت تزداد قدرتنا على التواصل وتبادل الآراء.
"يتخوف بعض الآباء من تأثير برامج الهوايات على تحصيل أبنائهم دراسيًا، لكنني أطمئن الأب الكريم أنه حسب دراسات علمية، فإن الأطفال البارزين في المهارات والمواهب هم في درجة عالية من الذكاء والقدرة على التحصيل الأكاديمي". هكذا كتب الصحفي السوداني والكاتب في ساسة بوست عوض مسعود، وحصلت كلماته على أكثر من ألف قراءة خلال أربع وعشرين ساعة. ويضيف مسعود مشجعًا فريق الصفحة: "أعجبني برنامج تعزيز الهوايات، إنه استراتيجية جديدة لتنمية مهارات أجيال المستقبل".
بينما تقوم بعض المراكز الاجتماعية بقراءة سلوكات الشباب لمراقبة ما قد يطفو على السطح وتقويمه قبل أن يستفحل، يقوم أفراد من نفس الفئة، بأدوار ومهام كبيرة تستحق التقدير والدعم، كتجربة أنور فريحة، وهو يعزز قدرات زملائه ومتابعيه، ويحفزهم للانطلاق عبر واقع افتراضي يوفر لهم ما يُفترض أن يتوفر لهم في الواقع. ولا يقلل من قيمة أدوات التواصل ما تفرزه من آثار سالبة، بقدر ما يدفع إلى إعادة النظر والتأمل في رؤيتنا وطرق استخدامنا للوسائط المتاحة، ودعم الاتجاهات الإيجابية.
- بين "اللايك" و"الشير":
التقى “الشير” على شط الفرات
بصديق، من بلاد “اللايك لاك”
كانت اللقيا، كما الوعد بها
ثرة، مثرية، كجدار العم “ماك”
لم تكن مقابلة السيد “شير” لصديقه مستر :لايك”، الأولى من نوعها، وإن اختلفت إحداثيات اللقاء الأخير، وأجندته بالطبع.. وسبق للشير أن التقى باللايك في أكثر من مناسبة، وأكثر من “منشور”، فضلا عن سلسلة لقاءات مماثلة مع كل من السادة “أضحكني” و”أبكاني” ومع الأداة الماركية الأكثر تجاهلا والأضعف أثرا، مسز “نكز”.
وحسب ما تسلل من تسريبات جدية، فإن مفاجأة اللقاء الفراتي، وقنبلته الصوتية، كانت سماع “النشطين الآن” أصوات احتجاج شديد اللهجة، حاجج به “اللايك” أخاه “الشير” حتى أغضبه، ودفعه لإرسال “بلاغ” والتفكير في “حظر” رفيقه القديم.. لكنه تراجع عن كل ذلك، ولم يقم بتأكيد الإجراء، بعد تدخل الأنسة اللطيفة “أحببته”.
قال اللايك في مرافعة مقفاة، مدوزنة، بتراء، تناهز فخريات الشعر في عصر بني العباس:
أنا فخر المشاعر، في حياة “الفيسبوكية”
أنا من أنجبت خمسا:
أضحكني
أحزنني
أغضبني
وااااااو وااااااو
ورمز القلب، إن أحببت “منشورا” بروح “شاعرية”
قل لي، يا صاحب السهم “المكعوج” ..
كم أنجبت في عقد ونصف العقد، يا “سهم الشمال”
بكى “الشير” بحرقة
ثم بكى من دون حرقة
ثم “غادر” مغضبا
وانتشى “اللايك” فرحا
ثم انتشى من بعد
في فرح أشد
ثم “غادر” باسما
هل عاد “ظافر”؟
هل ترى في “حزمة اللايك”
صدقا في المشاعر؟
هل ترى في “الشير” دعما..
أم ضجيجا، يتخم “الصفحة الرئيسة”؟
بعد مدة..
أرسل “الشير” رسالة
قال فيها، بعد تقديم طويل..
و “دراسات عميقة”
في “معاهد عاليات”..
قال فيها، بعد لوم وعتاب واحتجاج..
قال فيها، مبتدرا، بتقاليد عتيقة:
قل للمليحة في الخمار الأسود.. الخ..
قل للطبيبة في المشفى البرايفت.. الخ..
قل للنواعم، طالبات “الكليات الهندسية”..
نظرن بكلة وسدلن أخرى
وثقبن “الوصاوص” و”القفاز”.. الخ..
سهم أصاب، وراميه “مفسبك” .. الخ..
…
واستطرد في قوافيه القديمة، مستدلا بقول شاعر حكيم:
الجود “شير” والبخالة “لايك”
فاختر لنفسك أي “الحال” تختار
وكانت تلك قافية قاضية، أسقطت “اللايك” على قفاه.
- تأملات في مؤشر "اللايكات":
إن كنت مغردا على الفضاء الإلكتروني أو من هواة البوست والخواطر المدمجة، فإن أكثر ما تهتم به عادة بعد إرسال كلماتك، مراجعة مؤشرات التفاعل (لايك، كومينت، شير).. وبرغم التحديثات المضافة هنا وهناك لإضفاء مزيد من المشاعر الإنسانية لفضاء افتراضي يمتاز بالجفاء والآلية- إلا أن "اللايك" يظل سيدا للغة التفاعل وأدوات التعبير الجديدة.
إن ضغطة واحدة على زر الإعجاب تكفي للتعبير عن اطلاعنا على البوست أو مرورنا عليه، وتقديرنا للكاتب وتحفيزنا له.. كما ترسل رسالة إلى الموقع تحمل إعجابنا بأداة "أعجبني" نفسها.
بطبيعة الحال، فإن قيمة كل لايك تختلف عن الآخر حسب وقته وصاحبه وترتيبه أو حسمه للتسابق بين البوستات.. فهناك أول لايك على منشورك، وهناك اللايك المميز رقميا.. ولايك الشقيق والوالد والمعلمين والتلاميذ والأصدقاء المقربين.
تثير مؤشرات التفاعل فضول الكاتب للبحث عن تفاصيلها ليتعرف على درجات ما حصل عليه من لايكات وأخواتها.. وبمجرد اطلاعه على مؤشر الفيس مثلا: "فلان وفلان و67 آخرون معجبون بحالتك".. يغوص صاحب البوست مستجليا الأمر وقد تكون في انتظاره مفاجآت سارة أحيانا.
في استطلاع دون سابق إعداد، خلصنا إلى أن ما نراه من ابتسامات عريضة وتهلل على محيا مستخدمي الهواتف قد يرجع إلى مجرد "لايك مميز" أسقطته زواجل الفيسبوك على صاحب بوست أو صورة.. يقول أحدهم: كانت سعادتي غامرة حين وجدت إعجابا من ابنتي.. كان مجرد لايك، لكنه- بالنسبة إلي- كان حكاية كاملة بكل تفاصيلها.. كان رواية اجتماعية رائعة.. فقد تصورت ابنتي حين كانت تخطو خطواتها الأولى في القراءة والكتابة.. وسافر بي الخيال متتبعا تقدمها الدراسي والاجتماعي إلى أن أصبحت صديقة إلكترونية لي..
وإذا كان لـ "لايك" الابنة قيمة بكل هذا الحجم، فما هي قيمة إعجاب الوالدين يا ترى؟ قال مستخدم آخر: لم يكتف والدي بتزيين منشوري بإعجابه فقط، بل اتصل بي هاتفيا مهنئا ومحفزا، ذلك في المرة الأولى بالطبع- ثم استمرت لايكاته فيما بعد، وكانت عظيمة الأثر في نفسي برغم بساطتها وسهولتها لكنها كانت لايكات مميزة؛ إنها من والدي وكفى..
في العالم الافتراضي وفي فضاء الفيسبوك تحديدا لم تعد مؤشرات التفاعل دالة على قيمة البوست فحسب، لكنها قد تشير إلى القيمة الاجتماعية للكاتب نفسه أكثر من دلالتها على الإعجاب بالفكرة المكتوبة.. يقول أحدهم: إن اللايك لا يعني قراءة صاحبه للمنشور دائما، لكنه تعبير اسفيري عن الاهتمام بالكاتب.. وهذا كاف جدا من وجهة نظري..
إذاً، لايكاتنا قد لا تكون صادقة أحيانا! أو يمكننا القول بلغة ألطف: إن زر أعجبني قد لا يستخدم للتعبير عن الإعجاب فقط، لكنه أصبح أداة قابلة للتطور بإضافة استخدامات أخرى جديدة شأنه في ذلك شأن الهاتف الجوال نفسه، وقد تطور الأخير من أداة للاتصال الصوتي والمراسلة النصية فيما بعد إلى أداة تتحكم في معظم أنشطتنا الحياتية وتكاد أن تتوقف بدونه.
رجاءً، لا تستصغروا ضغطة زر لا تكلفكم عناء، ولا تستهلك شيئا من "ميغاتكم" أو أوقاتكم.. لكنها قد تكون "لايكا" مميزا ينتظره صديق في جانب آخر من كوكب الفيس.. وإن اردتم المزيد، فالشير خير.
-------------------------
* معلم سوداني