عزلة--



في فترات مراهقتي  الاولى ’’
وبالتحديد في سن الحادية  عشر ’’
دخلت في حالة من الهلع والخوف’’’
بعدما طرأت على روحي المضطربة ’’’
وجسدي النحيف’’امور طارئة ’’
وتغييرات فسيولوجية غريبة ’’’
لم تكن في الحسبان ’’’
فكنت ’’وهذا يحدث في الشتاء غالبا’’’
أذهب الى المقبرة القديمة ’’’
المحاذية لنهر الهنيدية ’’’في وسط المدينة المقدسة ’’’
أجلس على أطلال القبور ’’بعدما أجمع الحطب ’’
من هنا وهناك ’’واشعل النيران ’’’
وأبقى صامتا لوحدي ’’مع الموتى ’’
أرقب النيران وهي تتوهج ’’
ثم تخفت ’’’
ثم تتوهج ’’’ثم تخفت ’’
ثم تنطفيء ’’’
وكنت خلال تلك الساعات المتوهجة ’’
والخافتة ’’’’أفكر في الحياة ’’
وأفكر في الموت ’’’
من خلقنا ’’’
ولماذا خلقنا ’’’
وكيف هو ’’’
وأين هو ’’’
والسؤال الأهم --ماهو ’’’’’’’’؟؟؟
كانت تلك الاسئلة كثيرا ما تراودني ’’’
ولاأجد جوابا شافيا ’’’
كما انني لم أتجرأ على سؤال أحد ’’’
عن تلك الامور ’’’
حتى معلم التربية الاسلامية في مدرسة العزة ’’
ورغم انه كان يعاملني معاملة خاصة ’’’
باعتبار أنني كنت  اذكى طالب في درسه ’’
لم يمر بخاطري ’’ان أسأله أي سؤال من تلك الاسئلة ’’
التي كنت أعتبرها من علوم الغيب ’’
ولايمكن لأي شخص’’وهذا حسب اعتقادي’’أن يجد جوابا شافيا لها ’’’
استمر الحال على هذا النحو ’’
في فترتي  الدراسة المتوسطة ’’
والدراسة الاعدادية ’’’
حتى تهيأت لي الظروف ’’’
وحصلت على مقعد دراسي في الجامعة المستنصرية ’’’
فكنت استغل اوقات الفراغ ’’’
وأذهب الى شارع المتنبي ’’’
لأقتني كتب العقائد والفلسفة ’’’
التي تتحدث عن كيفيات الوجود ’’’
وحيثيات الوجود ’’’
وماهيات الوجود ’’’
ومبدأ العلة والمعلول ’’’
وواجب الوجود ’’’وممكن الوجود ’’’
واساسيات الاشتراك والتمايز ’’’
ومباحث الصفات الثبوتية ’’’
والصفات السلبية ’’’
اضافة الى مباني علوم الغيب ’’’
واركان عالم الشهود ’’’
ومدارج قوس الصعود ’’’
ومنازل قوس النزول ’’’
ومناطق الالتقاء بالمبدأ الاول ’’’
كالعزلة ’’
والخلوة ’’’
والفناء ’’’
ورغم انني تهت في هذه المنازل ’’
والمدارج ’’’
والمناطق ’’’
والاركان والمباحث’’’
الا انني ’’’وهذا ليس باعتراف سيء ’’’
لم أجد جوابا لمعظم أسئلتي ’’’
ولم أستفد سوى شيئا واحدا ’’
من كل تلك المفاهيم والمصطلحات ’’’
هذا الشيء ’’وان كان الكثير لايفطن اليه ’’’
هو أن أفضل نعم الخالق ’’’على العباد ’’
أن يمنحهم فرصة للعزلة عن الناس ’’
وبالتالي الحصول على فرصة للخلوة بذاته المقدسة ’’’’’’’’