يعيش الشعراء اليوم حالة اغتراب وجودي مرة وحقيقية ربما ستودي بهم في لحظة عاصفة الى انفصال تام عن التواجد المجتمعي والكوني.
يحدث هذا في ظل انسداد افاق المعرفة السياسية والثقافية وتفشي الجهل والانغماسية في كافة المجالات والمكونات المذهبية والعرقية والطائفي حالة اليأس هذه اصيب الشعراء بحالة هلع من تلك الضغوط التي تتراكم عليهم من جهات عدة.
ضغوط تصرخ في وجوههم لتعلن خروجهم من دوائر ومعادلات التغيير والتأثير والفعل الإيجابي مع تراجع الإصدارات والكتابات والمؤلفات والأفكار الكبرى من أجل خلق عالم جديد ووطن جديد ومستقبل يشعرون به بالامن والسكينة.
ولعل عجزهم عن ايقاف نزيف الهزيمة او معالجة انكسار الواقع الهرم مع اندفاع الجميع نحو العبثية والفوضى جعل منهم مجرد ايقونات نشر وتشخيص دون الحصول على انفعال او استجابة من قبل الجمهور العريض الذي انشغل بتفاهات المواضيع الرخيصة والمبتذلة التي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا الامر جعل من الشعراء يكتبون لا ليسمع الناس بل لكي لا يستسلمون لليأس فيهربون من الحياة نفسها ويسكنوا في سراديب الاغتراب الكئيب والاكتئاب المستمر حتى بات الكثير منهم يفكر بالانتحار الفكري فيعزفون عن النشر والكتابة. كل هذا جعل من الشعراء اشبه بكائنات خرافية او اساطير قديمة تجتر نفسها بعيدا عن الضوضاء والدلالات المشوهة، لذا نجد اغلب الشعراء اليوم -وانا منهم- باتوا يدركون حقيقة انهم لا يكتبون الا لانفسهم ولذويهم ومعارفهم من المهتمين والمتابعين لنشاطهم الفكري والمعرفي وحسب.
ورغم ان الشعراء ليس بانبياء، لكنهم وهذا ليس من نسج الخيال،كان لزاما ان يعيشوا في عالم غير هذا العالم، عالم نقي، وابيض، خال من الجهل والظلام.
خارج النص
ما يؤسف له ان المادة اصبحت كل شيء، وان القيم المعرفية والاخلاقية اصبحت صفرا على الشمال.