منذ بداية الثورة السورية يوم الجمعة عام ٢٠١١ إلى يومنا هذا والشعب السوري يعاني من الألم والقهر والظلم في وسط تبريكات من المنظمات العالمية التي كان يُعتقد أنها ستحميها من الفساد و القمع المتواصل والمتمثل في مجازر لا يعلم بها إلا الله .. ولست بصدد سرد تلك المجازر وما تحمل في طيّاتها من آلام لا تستطيع حملها الجبال .. ولكن في الآيام الماضية وقعت مجزرة رهيبة في مدينة خان شيخون شمال محافظة إدلب راح ضحيتها أكثر من ١٠٠ شهيد بغاز السارين و الكلور .. ولم ينته الأمر إلى هنا، بل القوات الجوية الروسية ـ دمرها الله- ستواصل دعم بشار الأسد لقتل ما بقي من الشعب السوري .. ومما أحزنني أن البعض خدع بمجلس الأمن الدولي وكأنه من سينتشل سوريا من الدمار الحاصل. وأفضل من علق على هذا: الأستاذ فيصل القاسم قائلا : (الذي يراهن على مجلس الأمن الدولي لمساعدة سوريا كالراعي الذي يأتمن الذئب على الغنم)

ولْيَعلم الجميع أن المنظمات و الهيئات العالمية فرحة مسرورة عمّا يحدث في سوريا المأسورة وإن ادعت التحسر والأسى بالصوت والصورة ..

والقضية السورية التي أشغلت السياسيين لسنوات لن تُحَل بمقال أو تغريدة، لكن الناس انقسموا فيها - في نظري واطلاعي- أربعة أقسام :

الأول: من أهمل وانصرف عن القضية السورية واستعاض عنها بهمز هذا ولمز ذاك، وانصب على أعدائه تحت غطائها، فتجده يلوم فلانا ويتجنب لب القضية .. وهذا والله هو الانحراف والتضليل في أوضح صورة، فيجب التحذير منه وإيضاح تلبيسه على العامة.

والثاني : من يستنكر بقساوة، ويشتم بشارا ومن عاونه، ثم ماذا ؟! سيخمد كالعادة إلى مجزرة وإبادة، ومن ثم يستنكر بقساوة ويشتم بشارا ومن عاونه ... إلخ ، فهذا لا يأتي بفائدة ظاهرة، ولكن قلبه لم يمت بعد. وهذا حال كثير من الناس فيما أرى، ويا ليتهم يحتذون بالقسم الثالث

والثالث : من قلبه مشتغل بإخوانه لم ينسهم أبدا فهو لا يغفل عن أمرين ، الأول : الدعاء، فلا يغفل عنه أبداً وإن تأخرت الإجابة، فهو كما قال ابن عطاء الله السكندري ( لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك ) فمهما تأخرت الإجابة لا ييأس أبدا من الدعاء، وكما قال الإمام الشافعي :

أتهزأ بالدعاء و تزدريه… و ما تدري بما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطي و لكن… لها أمد و للأمد انقضاء

فيمسكها إذا ما شاء ربي… و يرسلها إذا نفذ القضاء

فتجده لا ينسى إخوانه في سوريا -وغيرها- من دعائه في كل حين. والأمر الثاني : التبرع بما يستطيع ويقدر عليه للحملات المعتمدة الموثوقة، فتجده يجود بالمال الذي كلّت يداه من أجله لأشقائه المستضعفين المظلومين ،، فهذا السّعيد الذي ربح الدنيا والآخرة إن شاء الله. ففي الدنيا قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما نقصت صدقة من مال ) وفي الآخرة قوله صلى الله عليه وسلم : ( كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضي بين الناس) وغير ذلك ..  فأصحاب هذا القسم هم القدوة لغيرهم، لأنهم أتبعوا الرجاء بالعمل

والرابع : هم المؤثرين وأصحاب الرأي في القضية السورية المتخاذلين .. فأذكرهم بقول الله تعالى (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) وقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) وقوله تعالى (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) وجاءَ في الحديثِ عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما منِ امرئٍ  يخذلُ امرأً مسلماً في موضعٍ تنتهكُ  فيه حرمتُه وينتقصُ   فيه من عرضِه إلا خذلهُ  الله في موطنٍ  يحبُّ  فيه نصرتُه، وما من امرئٍ  ينصرُ  مسلماً في موضعٍ ينتقصُ   فيه من عرضِه وينتهكُ  فيه من حرمتِه إلا نصرَه الله في موطنٍ  يحبُّ  نصرته) ..

أنتم يا أصحاب المناصب المؤثرة إن استطعتم نصرة إخوانكم في سوريا ـ وغيرها – ولم تفعلوا، فدماؤهم في رقبتكم .. ولن تُعفوا من سؤال الله عنهم يوم القيامة .. فاتقوا الله، وابذلوا قصارى جهدكم في سوريا.

وأعجز الناس من عجز عن الدعاء..

يا رب نصرك الذي وعدت لعبادك المؤمنين.

كتبه/ سامي بن محمد الهَرفي

@S_alharfi