الأحكام الشرعية تنقسم قسمين، أحكام تعبدية وأحكام معقولة المعنى، أما الأحكام التعبدية التي هي محور حديثنا فهي الأحكام الشرعية التي لا يعلم العلماء علتها مثل : علة كون صلاة الفجر ركعتين والظهر أربع أو علة الصيام من الفجر الى المغرب، فهذه الأحكام يطلق عليها الأحكام التعبدية فإذا عجز الفقيه عن تعليل الحكم قالن هذا تعبدي والجواب عنها هو أن الحكم التعبدي ليس للعقل فيه مجال، فنحن نتعبد الله به ونعلم أن له حكمة لا نعلم سببها، والرضى والإمتثال للحكم التعبدي يكون أبلغ في التذلل بعكس الحكم معقول المعنى لأنه معلوم العلة أما التعبدي ففعلك له لأن الشارع أمرك به فقط، واختلف العلماء في أصل العبادات هل هي معللة أم تعبدية ؟
ففيه قولان أشهرهما: أن الأصل في العبادات التعبد فنسلم لها دون التحري عن العلة وأما العادات يغلب الالتفات الى المعاني ويقل العكس في البابين وهذا قول الامام الشاطبي ، والناظر الى أحوال بعض أصحاب النحل الفاسدة والملل الخبيثة في هذا الجانب، تجدهم يطلبون العلة العقلية في الأحكام التعبدية حتى يشككوا الناس فيها، فإذا قلت لهم قال الله وقال رسوله يقولون أين العلة العقلية ، كما قال أحدهم : لماذا لانشرب الماء وقت الصيام فالإنسان أكثره ماء .. ألا يعلم هذا المسكين وأمثاله أن حكم الصيام هو حكم تعبدي، وقد نفهم لماذا يهاجمون الإسلام وأحكامه فأجندتهم الفاسدة تملي عليهم ذلك، ولكن للأسف تجد بعض المسلمين يتأثرون بهذا الخطاب ويعتبرون رُوادّه هم "مفكري العصر" فهل غفلوا عن قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أمرهمْ)(الأحزاب: الآية 36) ولما سئلت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : (( ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ )) فأجابت : (( كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة )) فلقد بَيّنت أن الحكم تعبدي، وبهذا نسد عليهم هذا الباب، أما للمتأثرين بهم فيقال لهم : نحن أُمرنا بالسمع والطاعة في جميع الأحكام الشرعية، فإذا جاءنا حكم شرعي ووجد العلماء لهذا الحكم عللاً
ومقاصد، فسيزداد الإيمان واليقين، وإذا انتفت هذه العلل والمقاصد فلا يضيرنا ذلك لأننا أصلًا أمرنا بالتسليم التام للأحكام الشرعية.
خاتمة:
قال بعضهم: إذا عجز الفقيه عن تعليل الحكم قال: هذا تعبدي
وإذا عجز عنه النحوي قال: هذا مسموع
وإذا عجز عنه الحكيم قال: هذا بالخاصية .
كتبه / سامي بن محمد الهرفي
@S_alharfi