هل مر بك إعلان لملتقى ديني مثلاً و رأيت أسماء شركات ما ترعى هذا الملتقى؟ هل مر بك مقال ناقد لتقصير البنوك مثلاً في (التبرع) للمجتمع؟ ربما أيضاً مر بك فصل مخصص لـ (المسؤولية الاجتماعية) أثناء قراءتك لتقرير سنوي لشركة مدرجة. سؤال اليوم: هل تطور لدينا مفهوم المسؤولية الاجتماعية ليتجاوز تبرعات الشركات؟

عند البحث في موضوع المسؤولية الاجتماعية للشركات، تبرز ثلاثة مسارات رئيسية استعرضها مقال نشرته مدونة هارفرد بعنوان (الحقيقة بشأن المسؤولية الاجتماعية للشركات) : أولاً مسار التبرعات و العمل الخيري البحت و مثاله التبرع لجهة خيرية لإطعام الفقراء، و ثانياً مسار تحسين كفاءة العمليات العمليات لتتضمن بعداً اجتماعياً  أو بيئياً، و مثاله توفير حقائب تسوق صديقة للبيئة ، و ثالث المسارات مسار تحويل نموذج العمل لتصبح مواجهة التحديات البيئية و الاجتماعية جزءاً من استراتيجية المنظمة، و مثاله شركة صابون هندية ابتكرت نموذجاً للعمل يستغني عن الموزعين التقليديين من التجار ليكون البديل لهم أفراداً يستفيدون من قروض متناهية الصغر تمنحها الشركة ليبدؤوا عملهم التجاري كموزعين لمنتجاتها، و بهذا تقدم خدمة جليلة للمجتمع مع الاستفادة من نموذج عمل مربح. هذه المقدمة ضرورية لمقالات لاحقة عن المسؤولية الاجتماعية، أما هذا المقال فيقتصر على المسار الأول. السؤال هنا: يتعدد الطالبون لدعم مادي من الشركة، فما الذي يحدد نوع التبرع الذي تقدمه الشركة؟

للتبرع بريقه الخاص، و تلجأ إليه الشركات عادة للتعريف بمنتجاتها و كسب ولاء العملاء و رفع الروح المعنوية لموظفيها و ربما لأغراض خيرية خالصة، و هو سبب نبيل و مشروع. في العام 2008 أعلنت شركة بيبسي مبادرات عدة للاهتمام بالمدارس و الحدائق و عرضتها للتصويت العام على أن ينال المشروع الذي يحظى بالتصويت الأعلى من الجمهور على عشرين مليون دولار لتنفيذه. فاق الإقبال على التصويت التوقعات، حتى أنه تجاوز عدد المشاركين بالانتخابات الأمريكية لنفس السنة! بالمقابل، لم تنعكس هذه النتائج على مبيعات الشركة و أرباحها. لماذا؟ يجادل نورتون و إفري في مقالهما (تحقيق المردود المالي للتبرعات) أن اختيار (بيبسي) لمبادرات لا يهتم بها عملاؤها تحديداً أوجد الفجوة بين عدد الصوتين الهائل و عملاء الشركة. يقترح الكاتبان هذا الحل: اختر مبادرات اجتماعية يهتم بها عملاؤك، دع رسالتك التسويقية تظهر العلاقة الوثيقة بين قرار شرائهم لمنتجاتك و الفائدة الاجتماعية المنتظرة، و قبل هذا كله ادرس السوق جيداً لتفهم العوامل المؤثرة على اختيار العملاء للمنتجات.

الهدف الأول للشركة هو تعظيم المنفعة للجميع: الإدارة، الموظفون، العملاء، المجتمع و كل ذي علاقة بالشركة. ماذا لو بحثت عن ماذا يهم عملاؤك فعلاً ثم أخبرتهم أنه عند بيع منتجك فإنك ستتبرع بـ 10% من الأرباح لتحقيق الغاية التي ينشدون؟ للابتكار في هذا المجال أبواب عدة لكن مفتاحها واحد: اختر مبادرات تهم عملاءك لا رئيس  الشركة!


مصدر الصورة http://thumbs.dreamstime.com/z/csr-flowers-arranged-shape-supporting-hands-corporate-social-responsibility-36232523.jpg