هل سبق و أن سمعت أو عملت بشركة قامت برفع الرواتب و المكافآت، و بالرغم من ذلك لم تحصل على التغيير الدائم المنشود في إنتاجية الموظفين و كفاءتهم؟ مقال اليوم يستعرض دراسة لـ (ألفي كون)، عالم الاجتماع الأمريكي الذي كتب عن تحفيز الموظفين و لماذا لا يكون نجاح خطط الحوافز المادية مستداماً.
استناداً إلى عدد كبير من الدراسات و التجارب المعملية و الصفية و العملية، يجادل (كون) أن الخلل يكمن في الافتراضات النفسية التي تبنى عليها هذه الخطط، و القائمة على حوافز مادية تقوض –بطبيعتها- الغاية المنشود تحقيقها، و هي التغيير المستدام. الحوافز المادية فعالة، لكن لتحقيق الالتزام المؤقت و ليس الدائم، لذلك لن تكفينا إذا أردنا تغييراً في السلوك و الاتجاهات.
في مقال كتبه بعنوان (المعايير الجديدة للأداء)، يقول (مونرو هيجل) أن الناس سيفعلون ما يطلب منهم تماماً إذا كان المردود المادي مجزياً، و هذا برأي (كون) هو جذر المشكلة، فالتحفيز المادي فقط يثبط رغبة الموظف في المخاطرة و استكشاف الخيارات الأخرى، و سيكون الإبداع هو الضحية رقم واحد. ماذا أيضاً؟ بالتركيز على التحفيز المادي فقط قد تتجاهل الإدارة السؤال عن مدى جاهزية الموظف و تدريبه، و ربما تدفعه للتركيز على المدى القصير ليحقق المطلوب، مضحية بالنجاح على المدى الطويل. تتفاقم المشكلة إذا استعاضت الإدارة بالحوافز المادية بدلاً من مهامها الأساسية لإنجاح العمل: حسن التعامل و التغذية الراجعة المفيدة و الدعم الاجتماعي و تمكين الموظف، و إذا أصبح الحافز المادي – و هو عامل خارجي- الدافع الأساسي لعمل الموظف بدلاً من الرغبة و الاهتمام و الانتماء و المسؤولية – العوامل الداخلية.
لنتحدث عن تجربة طيران (ساوث ويست) الأمريكية كمثال جيد، و التي تطرح عادة كمثال بارز في كتب الإدارة الأمريكية. تستهدف الشركة استقطاب موظفين يرغبون في العمل الجاد و الإبداع مع الاستمتاع يالعمل، و إذا كنت أحد 100 مليون مسافر يستقلون طائرات الشركة سنوياً، فربما لفتت خدمتهم المميزة و الودودة انتباهك. تقول الشركة أن ما يجمع موظفيها هو غايتها: (ربط الناس بالأشياء الأكثر أهمية في حياتهم عن طريق رحلة طيران مفعمة بروح الصداقة و الموثوقية و منخفضة التكاليف). عندما تقوم الشركة بالتوظيف، تختبر شخصية المتقدمين ليلائموا البيئة التي تنشدها، و هي تعزز هذا بمعهدها التدريبي الخاص و بخطة تواصل مع الموظفين عالية المستوى. كنت قد زرت مقر الشركة في (دالاس) لأختبر ما درست عملياً،و عند التجول بمقر الشركة تلفت انتباهك رؤيتها و رسالتها و غايتها في لوحات و شاشات بارزة للجميع. هناك اهتمام عال بالتفاصيل و الجو المرح، و روح فريق تسود أقسام الشركة. طيران (ساوث ويست) لا ينافس إذا كنت تبحث عن المزايا المادية، لكنه يتميز بالغاية و البيئة و المنافع غير المادية، و بهما تمكن من استقطاب فريق متميز ينخفض فيه معدل الاستقالات ويحقق أرباحاً سنوية متواصلة لأكثر من أربعة عقود.
هل ترغب بخطوة عملية؟ جرب زيارة موقع الشركة الالكتروني و قناتها في (يوتيوب)، أو قراءة شهادات الموظفين عنها، و جرب أن تأتي لعملك غداً بفكرة جديدة تقترحها.