لا صوت يعلو هذه الأيام على صوت وزارة التجارة. تصول فرقها الميدانية و تجول، و تنشر أملاً جميلاً بحقوق أفضل للمستهلكين. بالمقابل: هل انخفضت ثقة المستهلك بالشركات المحلية؟ و ما الفرصة التي تحملها هذه الحملات للشركات الملتزمة بالمعايير الأخلاقية و الأنظمة القانونية؟ دعونا نبداً المقال..

في العام 2005 أجرت شركة (يانكلوفتش) الشهيرة إحصاءاً لقياس ثقة المستهلك الأمريكي بالشركات، كانت من نتائجه أن 80% من المستلهكين يعتقدون أن تحقيق الأرباح هو الهم الأول للشركات، بينما لا تشغلها مسؤوليتها تجاه موظفيها و عملائها و التزاماتها البيئية. 70% يعتقدون أنه متى سنحت الفرصة للشركات، فإنها ستخالف الأنظمة إذا ضمنت ألا تكشف.

في هذه الحالة من غياب الثقة يبدو أن مجال أخلاق العمل – المبادئ و المعايير الموجهة لتصرفاتنا في مجال العمل- يستحق اهتماماً خاصاً، صيانة للشركة و حفظاً لحقوق العملاء.تطرح في هذا المجال الأسئلة التي تثار لمناقشة ممارستنا الإدارية و المهنية و ما يمكن أن يقبل أو يرفض منها، و هو ينال اهتماماً عالمياً متزايداً، فبورصة نيويورك مثلاً تلزم الشركات المدرجة بها باعتماد مدونة أخلاقية لكل منها، و بعض الشركات اعتمدت منصب (مسؤول أخلاق عمل) بشكل رسمي.

السؤال هنا: لماذا أدعو المنظمات و الأفراد للاهتمام بهذا المجال؟ قبل كل شيء، لأن عمل الصواب هو ما يقوم به كل من يشعر بالمسؤولية أمام مجتمعه. كذلك فإن التزام المنظمات أخلاقياً يؤدي إلى انتماء و التزام أعلى من موظفيها بقيم الشركة. في المسح الوطني الأمريكي لأخلاق العمل، قال 79% من المشاركين أنهم يفضلون الاستمرار في العمل لمنظمة تولي اهتماماً أكبر بالشأن الأخلاقي.   ماذا عن ولاء المستثمرين؟ وجدت دراسة لعوائد ثلاث سنوات مالية أن الشركات التي قيمها موظفوها بأنها على درجة عالية من الالتزام الأخلاقي قد حققت نسبة 101% من العائد على حقوق المساهمين مقارنة بـ 69% في الشركات التي نالت تقييماً أخلاقياً أدنى، و المستثمر الحصيف يدرك قيمة النزاهة و الأمانة و تأثيرها على الفعالية و الكفاءة، مقارنة بالعواقب الوخيمة للانتهاكات القانونية و الأخلاقية.

عوداً على بدء، فالالتزام الأخلاقي للمنظمة سبب رئيسي لثقة العملاء و رضاهم. في استبيان أمريكي وجد أن 40% من المستهلكين يحملون انطباعاً غير محبذ عن عملاق التجزئة (وول مارت) نظراً لضعف رواتب و مزايا موظفيه. مع تزايد ضغوطات المستهلكين، ها هي (وول مارت) ترفع الرواتب و المزايا و تهتم بتقديم مبادرات للمسؤولية الاجتماعية، و تسعى لتحسين مستوى رضا المستهلكين. إن نتيجة الالتزام الأخلاقي للمنظمة ربح أعلى و عملاء أكثر ولاء و موظفين أكثر التزاماً، و الوقت قد حان لينتقل الاهتمام الاستراتيجي بالشركة من مستوى الالتزام القانوني إلى المستوى الأعلى: الالتزام الأخلاقي و المسؤولية الاجتماعية.


مصدر الصورة https://mayrsom.files.wordpress.com/2015/03/ethics1.jpg