كهلٌ صغير السن، طَمُوحٌ مُتخبط وذو فؤاد خاوي. يرى الأشياء كما يُريد لا كما هي. عديم الخِبرات، وخالي السيرة. شاب في مُبتدئ العُمر، يفعل مجموعة من الأشياء غير المُتشابهة، ويُحب أشياءًا غريبة ولدية أراء يسارية مُتشددة. دائمًا ما يتخلى، عن منظوره، عن أفكاره وعن جُل أشياءه حيث يعلم أن الحُب والود أساس الحياة، وأساس الحب التخليّ والبذل. 

ذو نفس طويل أوشك أن ينقطع، وهمة عالية قاربت الإضمحلال؛ غريبٌ قبل السفر وأشد غُربةً بعده. في وحشة يسمع صداها كُل صباحٍ. أثقلت الدنيا خُطاه، كبُرعمٍ مسته الريح فإنفتحا ومن ثم إشتدت عليه فإقتلعته. وحيد بين خيارات لا يُصارع فيها أحدٌ سِواه. ثابتٌ أمام وجع الفقد. يتقلب بين نعيم مُفعّم وظلام دامس. يتعلق بأشياء بسيطة فتخذله. يجمع كل المعاني، المتناقضات والمشاعر في مكان واحد. صابرٌ على ما لم يُحط به خُبرًا، علّ أحدهم ينبأه بتأويله بعد ذلك. 

العام السابع عشر كان فريدًا من نوعه، في محاسنه واضدادهم. جامعة الأحلام، السفر، جائزة في شئ أحبه حد التقديس وأشياء آخرى جعلتني أشعر أني بخير، ولكن الحزن يتسارع إلى الرأس فيوقف الكلمات؛ جُل الأحلام المُخططة قد أصبحت واقعًا لا فرار منه، على الرغم من أن بعضها يحاول الرجوع إلى الخلف مرة آخرى حيث نقطة البداية، ولكني صامدٌ. كم تمنيّت أن أحتفل بعيد ميلادي الثامن عشر، هُنا، من هذا المكان الذي أكتب منه هذه الكلمات الآن، وها أنا ذا. 

الحياة سلسلة من الإختيارات، تأخذها فتأخذك، وتتركها فتأخذك أيضًا. لكُل شئٍ إذا ما تم نُقصان، وكل كسبٍ يُقابله مقابله والعدل أساس المُلك والبر  لا يفنى والطريق واعرٌ، والنور آتٍ والحُب باقٍ والدين جابر كل كسرٍ وزيادة المرء في دنياه نقصان.

لا أبرَحُ حتى أبلُغ: لن يشغلني غير الهدف، ولن تمنعني المفاوز أو تبهرني الشدائد، ولن ترهقني المفادح أو يوقفني اللغوب، وسأوطن النفس على العمل، ومهما ثقلت الُخطا وبعدت المسافات، وطال الطريق، وشح الزاد وإضمحل، وغابات الأدلة والعلامات، وضعف المشي، وإحتجبت الوجِهة، وإستكان الجسد، ووهن البدن وإشتد الإستلهاف. فالراحة كما يقول عمر "للرجال غفلةً". 

وأخيرًا، أتذكر فقرة عظيمة كتبها "مصطفى" في مناسبة مشابهة، كان يقول:

"الثامنة عشر، تعني لي المزيد من الأعباء، والمزيد من السعي، وضوءًا أخضر، لتهيئة كاهلي لإحتمال المزيد من ترويض النفس. لقد حان الوقت لمحاولة تحطيم تلك الأبواب الموصّدة، والقيود المُثقلة بالظنون، وتهشيم الحوائط المُزيّفة، فإما أن نجتاز العوائق ونواصل السير، وإما أن نظل عالقين وراءها، فنذهب سُدى ونتناثر، كما تتناثر ذرات الغُبار بريحٍ مجهولة المصدر. وكما قالت رضوى عاشور -رحمها الله-: "هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا."

21/11/2017

ر