يستيقظ كُل صباح على صوت وحشتهِ، ينظر في المرآة يرى وجهًا غريب ذو ملامحٍ هشةٍ، وجهًا لم يعتاد رؤيته، ثم يتسائل "كيف للأيام أن تبدو مُتشابهة هكذا"؟ ومن ثم ينام مرة آخرى. ينهض من السرير ليلًا وينظر من النافذة إلى الفناء الذي يغشاه ضوء القمر ويُفكّر فيما مضى،  في همته التي أوشكت الإضمحلال، ينظر إلى الُخطى كيف كانت حُرة قبل أن تُثقلها الدُنيا وكيف للطريق أن يزداد ضيقًا هكذا، وكيف لـ الليل أن يكون مُفعّمًا بكلامٍ موجع هكذا. يقف أمام عجزة عن الإختيار، بين خيارات لا يُصارع فيها أحد سِواه. 

ماذا حل به؟ ما الذي أثقل الروح هكذا، ولماذا لم يعد يشعر بفرقٍ بين الليل والنهار، يشعر وكأن جزء من النص مفقود، كأن هناك فراغًا يقاوم رؤيته. لماذا لم يُعد قادرًا على التفريق بين الحُزن والفرح؛ كيف للمشاعر أن تتداخل وتتراكب هكذا؟ لماذا لم يعد قادرًا على البكاء، لماذا أصبح الحُزن مُغلفًا بإبتسامة بلهاء أو ضحكة مُصطنعة. أين المُشكلة؟ أهي كامنةٌ في شخصه؟ أم في العالم الملئ بالتُرّهات والأساطير.

كُل الطُرق تبدو كزقاق ضيقةٍ وحواريٍ مُتهالكة، كل الحوائط كأنها آيلة للسقوط وجميع الدورب مكسوة بالثلج؛ الفانوس الذي يضئ طريقه على وشك أن ينطفئ، والبوصلة التي تُوجّهه قاربت الإنحراف؛ والعالم بأثره أضحى قاحلًا مُحدبًا والشمس فيه تُشرق على إستحياء، والقمر يخشى المُكث الطويل. 

ثم بعد كل هذا يجد نفسه غير قادرٍ على السير في طريق غير سوي، وكأن شئ ما في داخله يرفض ذلك الإنحراف، كأن البُوصلة داخلية، شئ من أعماق الروح وثناياه؛ ما زال رافضًا للجزع أو الإستسلام، شئ ما بداخله حقًا يرفض ذلك. لعله يتأسى بمقولة جلال الدين الرومي "لا تجزع من جرحك، وإلا فكيف للنور أن يتسلل إلى باطنك" ؟

24/11/2016

ر