طيلة قرون من الزمان عانت الدول العربية من خلل في علاقاتها ببعضها البعض وسوء تفاهم مستمر, كما عانت من ضعف في التواصل و من الأحكام المسبقة. ولطالما تبادر السؤال عينه في الأذهان ؛ ماسبب لا وحدة الدول العربية وأزماتها المستمرة؟ , هل هو التدخل الغربي أم أنه خلاف متأصل ومتجدر في أساس البنية العربية؟
فكلما طرح موضوع الوحدة العربية سواء في البرامج أو في اللقاءات ، توجه أصابع الاتهام مباشرة إلى الغرب، باعتباره فاعلا بطريقة أو بأخرى في العلاقات بين الدول العربية.
من جهته يعمل الإعلام الغربي على تشكيل صورة نمطية لبعض الدول العربية، مما يخلق نوعا من،الغموض و يغلق الأبواب أمام أي إمكانية للتواصل والحوار.
وعلى سيرة التواصل والحوار، من المعلوم أن الدول العربية تعاني من ضعف التواصل والحوار؛ فضلا عن فنون إدارة الأزمات الدبلوماسية والسياسية. أما أسباب هذا الضعف فترجع أساسا لطببعة العقلية العربية المنغلقة، وغياب التكوين والوعي بأهمية الحوار ووضع استراتيجيات له. فالديبلوماسية لغة ناعمة تحل بها الدول مشاكلها، أما العسكرة فهي لغة خشنة لا تؤذي غالبا لحل الأزمات بطريقة سلمية.
فكيف لدول تجمعها عوامل مشتركة كثيرة أن تفرقها أسباب سطحية ومفتعلة، هل الدين واللغة غير كافيان لوحدة الدول العرببة واندماجها؟، أم أن المشكل في العقليات والأيديولوجيات العربية وليس في وجود ووفرة العوامل المشتركة.
إذا أخدنا الدول الأوروبية كمثال خاصة دول الاتحاد الأوروبي؛ كل دولة من هذه الدول تنطق بلغة خاصة بها ولديها ثقافة متفردة، وعلى الرغم من الاختلافات اجتمعت من أجل المصالح المشتركة ولصد أي عدوان كيفما كان داخلي أو خارجي، وللدفاع عن أي دولة في الاتحاد تعاني من أزمة اقتصادية أو سياسية.
أما على الصعيد العربي دوما تحاول بعض الدول كمصر و المغرب الوساطة بين دول أخرى متنازعة، وتنجح أحيانا في ذلك. ذون اتحاد الدول العربية وتكثلها، ستبقى كالحجارة تتدحرج إلى أن تستقر حيث تلقي بها الصدف.
الطريق لازال طويلا ولكنه ممهد تماما أمام الدول العربية لممارسة الديبلوماسية الاحترافية و معالجة أزماتها الخاصة.