يشهد الجميع في العصر المظطرب وفي هذه الألفية الجديدة، أن أجيال الشباب عرفت تدهورا كبيرا في جميع المستويات، الأخلاقية والدينية والمعرفية وغيرها، ويصعب نوعا ما الإحاطة بأسباب هذا التراجع والتدهور إذ أن الأسباب كثيرة و متشابكة. ونتحدث هنا ليس عن شباب المسلمين والعرب بل الشباب في جل بقاع العالم، إذ لا يخفى هذا الأمر على أحد من شعوب العالم.
فشباب هذا العصر يزدادون يأسا يوما بعد يوم، من كثرة المشاكل المحيطة بهم في مجتمعهم الصغير وفي المجتمع العالمي الكبير؛ من حروب وكوارث وتغير في أحوال المناخ والبشرأيضا، وكل هذه الأمور تغذي أجيال الشباب بطاقة سلبية تجعلهم يفقدون الأمل في غد أجمل وأفضل.
أما عد وإحصاء أسباب هذه الحالة من القلق التي أصابت الشباب، فهو أمر صعب للغاية، بداية ولدت أجيال من الشباب في زمن العولمة، التي جاءت بالخراب وانهارت بسببها قيم ومبادئ الكثيرين، فصارت الدول العربية والاسلامية تلعب دور المتفرج فقط أمام غزو العولمة لأسواقها واقتصاداتها وقيم أبنائها. هذا الغزو الذي أفرز سلوكات شاذة وغريبة بين الشباب وسط تحقير لحضارتهم وقيمهم الثقافية، و تمجيد للمخلفات الرذيئة الغربية.
فقد دفعت شعوب العالم كلها ثمن التقدم التكنولوجي وتحسن وسائل الحياة، ولم يكن الثمن رخيصا أو بسيطا؛ بل كان الثمن هو فقدان الشباب لمعنى الحياة و أهمية دورهم في المجتمع، كما تفككت أسر وتهمش أطفال، كل هذا بفعل العولمة وبدافع التقدم.
كان شباب العصور الماضية ي..... بالحياة ومقبلين عليها، و كانوا واعين بأدوارهم و أهميتهم، وعاشوا شبابهم بحق. ويشهد على هذا الكلام الأجيال السابقة التي عاشت شبابها بحق دون أنترنيت ولا مواقع الانعزال الاجتماعي.
بالإضافة للعولمة ، يلعب الإعلام المعاصر دورا تأثيريا كبيرا على شباب هذا العصر، فهو بمثابة غسيل للدماغ وربما أخطر. ويتجلى هذا التأثير في الترويج لأفكار مادية محضة، و ترخيص لصورة المرأة و اعتبارها سلعة تسويقية بغرض الربح المادي. وعذا ما رسخته السينما أكثر بل و شجعته، فمن الصعب اليوم أن تشاهد فيلما سينمائيا أمريكيا أو غربيا ذون أن ترى مشاهد الإغراء و استبخاص المرأة، إلا إذا كان فيلم حربي أو قتالي. فولدت لدى الشباب صورة مشوهة عن المرأة؛ وولدت لدى المرأة صورة مشوهة عن نفسها.
غير العولمة و الإعلام و السينما، هناك عوامل أخرى متدخلة بشكل أو بآخر في تدهور الشباب؛ فالإنحطاط الديني وغياب التوعية و الفتوى الموجهة للشباب خصيصا، عامل آخر مهم في تردي أحوال شباب اليوم. كما غاب دور الأسرة أو تم تغييبه عن قصد، فالأسرة تنشئ وتربي أطفالها لكي يكبروا ويصبحوا شبابا نافعين للمجتمع و بالغين مسؤولين فيما بعد.
.