قلةٌ هم أولئك المثقفون والكتاب الذين يعملون بجد، وبلا ضجيج، وبلا اهتمام بالشهرة أصلاً، وبلا دعم من أي شكل ...
المُخَضرَم في الشأن الثقافي والسياسي الفلسطيني، ثم العربي، الأستاذ Jehad Ranteesy أحد هؤلاء ... وهو يعكف منذ فترة على إنجاز مشروعه الروائي الذي يطمح من خلاله إلى تسليط الضوء على بعض الجوانب، التي قد تكون غير معروفة، من حياة (بعض نماذج) فلسطيني الشتات؛
الجزء الأول من مشروعه صدر بعنوان "بقايا رغوة"، وقد ركز فيه على تجارب فلسطينية شخصية إنسانية، غالبيتها منتمية سياسياً ،وقد وضعت صفة الانتماء السياسي في نهاية الجملة عامداً، فرغم أن العمل السياسي كان حاضراً في الرواية بطريقة ما، إلا أنه كان حاضراً بقوة من خلال أثره على الفلسطيني؛ من خلال أثره على الإنسان الفرد.
وقد قدم الرنتيسي عدة نماذج إنسانية منتمية سياسيا في بقايا رغوة، فقدم - مثلاً - : الفرد الجشع الإنتهازي الوصولي، الفرد القلق وجودياً، المرأة بتوجهاتها وخصائصها الإنسانية المختلفة، من خلال نماذج نسائية مختلفة.
ولم يقتصر علاج هذه الشخصيات في ضوء علاقاتها التنظيمية، بل ومن خلال أثر المجتمع عليها، ومن خلال أثرها، وتأثرها، بعلاقاتها الخاصة أيضا.
هذه هي مادة الرنتيسي الرئيسية، وهمُّه : التجربة الإنسانية لنماذج محددة من فلسطيني الشتات. والتي أضاء عليها من خلال تجربتها السياسية اساساً، لكن من غير أن يغفَل عن الأثر الاجتماعي عليها، ولا عن دور العلاقات الفردية. وبدون فصلِ بعضِ هذه الجوانبِ عن بعضها البعض، فالإنسان تجربة غير قابلة للتجزئة.
وهذا هو الجزء الثاني من مشروع الاستاذ جهاد الرنتيسي الروائي يرى النور تحت عنوانه الواعِد باستكشاف أكثر لهذه التجربة :
"خبايا الرماد"
العنوان جميل ولافت، ويعد القاريء بكشوفات جديدة ... شخصيا احببت هذا العنوان جداً، وشوقني جداً لقراءة النص، واستكشاف "خباياه".