بسم الله الرحمن الرحيم

بشأن انتصارات حلب

الحمد لله الذي أعزّ أهلَ طاعته بطاعتِه، وصرفَ من شاء عنها بعدله وحكمتِه، وجعل دفاعَ أهل الحقِّ لأهل الباطل في أرضه من سنّتِه، وجعل العاقبةَ للمتقين بفضله ومنّتِه، فله الحمد في الأولى والآخرة وله الحمد أن أوزعنا شكرَ نعمتِه، والصلاة والسلام على من بعثه الله هاديًا للعالمين برحمتِه، وشرّفه وكرّمه وأعطاه سؤلَه في أمّتِه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن استنّ إلى يوم الدين بسّنتِه؛ أما بعد..

فنحمدُ اللهَ سبحانه على هذه الانتصارات التي منَّ الله بها على إخواننا في حلب، ولا ريبَ أنّ هذه الانتصارات من آيات الله تعالى؛ فلا يخفى أنّ العالم كلَّه قد تكتّلوا لضرب المجاهدين، وإذلال المسلمين، {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ}.

ولا يُعلَم قَطُّ أنّ المسلمين -في معركة من المعارك- استنصروا بالله، واستعدّوا بالأسباب المادية، إلا ونصرهم الله، ولم يتخلّف النصر إلا بسبب المعصية والفرقة.

فعلى المسلمين أجمعين الاستنصارُ بالله، والاعتصامُ به سبحانه، فهو نِعْمَ المولى ونِعْمَ النصير، قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.

وقال سبحانه: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.

وعليهم أن يكونوا كالجسد الواحد، وأن يحذروا أسبابَ الفرقة، ومن هذه الأسباب -ومع الأسف- ما يجري في شبكات التواصل، من شقاقٍ ونزاع ومهاترات، وأمورٍ لا تَسُرّ سوى الأعداء.

قال الله تعال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.

ولا يخفى أنّ التفرق والتحزّب ليس من الدين في شيء، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}.

وحتى تزول هذه الاختلافات والفُرقة، فإنه يجب عليهم الاعتصام بالله عز وجل، والاستمرار في الجهاد في سبيله، وقد رأَوا بحمدالله بشائرَ النصر، وبوادرَ التمكين، وحتى تزول اللأواء عن المسلمين، فإن مصيبتهم قد طالتْ، وآلامَهم قد كثرتْ، ولا يخفى أنهم يعوّلون على الله ثم عليكم فأروهم باعتصامكم واجتماعكم ما يزيل كرْبَهم، ويخفّف مصابَهم.

كما أدعو جميع إخواني، والذين لهم حسابات على شبكات التواصل، ومنهم الابن الشيخ/ موسى الغنامي إلى ترك هذه المهاترات، والانشغال بالدعوة إلى الله عزَّ وجل، والاهتمام بجانب التوحيد وتعظيمه، وشدّ أزْر المجاهدين، ومعالجة الأمور العظيمة بالحكمة والموعظة الحسنة -كما ذكَرَ الله في كتابه- والإعراض عن بُنيّات الطريق، وما يوغر الصدور.

اللهم إنا نسألك بأنّا نشهد أنّك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أن تنصر إخواننا في حلب وفي الشام وفي سائر الديار، على أعدائك وأعدائهم يا قريب يا مجيب

اللهم ووحِّدْ صفوفَ المجاهدين في سبيلك، واجمع كلمة المسلمين على دينك وتحكيم كتابك، اللهم آمين.

عبد الله بن عبد الرحمن السعد

الخميس 15 / 11 / 1437