آ
آيدن

مستقل جدًا في الفروع ، منحاز جدًا إلى الأصول ! صفحتي على الفيس : https://t.co/DqvtdACREM

مدة القراءة: 3 دقائق

ابن باز والمدخن !


قصّة عجيبة ؛ سندها هو : عني شخصياً ، ثم عن أبي ، ثم عن صاحبها مباشرة ، فإليكم هي الآن دون زيادة أو نقصان :

مفرّج بن بليهيد هو أحد أبناء قبيلة عتيبة العريقة العظيمة ، وتحديدًا من ذوي ثبيت من الروقة ، كان ( مفرج ) في عنفوان شبابه قد ابتلي بشرب الدخان ، ومضى عليه في صحبة هذه الآفة زمن طويل . يقول مفرّج : كنّا بمعية الأمير عمر بن ربيعان رحمه الله تعالى ( شيخ الروقة من عتيبة ) ، فنادى بنا ذات يوم لأن نصحبه في زيارته الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز – رحمه الله تعالى – وهو بمكة آنئذ . يقول : دخلنا عليه ؛ فاستقبلنا كعادته – رحمه الله تعالى – بالترحاب والسرور وكرم الضيافة . فبدأنا السلام عليه واحداً تلو الآخر ، والتعريف بأنفسنا ، ومن حُسن حظي بأنّ رائحة الدخان حينئذ كانت تفوح من ثيابي ! دار الحديث في مجلس الشيخ ، ومعها القهوة ، والعود ( الطيب ) ، ثم استأذن بعدها الشيخ الأمير عمر بن ربيعان – رحمه الله تعالى – للانصراف والخروج ، فصحبه الشيخ إلى بابة المنزل ليودعه ؛ تقديراً للشيخ عمر ، وإنزالاً له على منزلته ، وفيما الجميع يُقبل رأسه هاماً بالخروج ، إذا به يمسك يدي لما سلّمت عليه ، ومن ثم يسحبني للوقوف إلى جواره ، وبعدها أكمل توديع الباقين وهو على حاله ممسكًا بيدي ، فعلمت أنه يريدني لأمر ! ولما أن أنهى الشيخ ابن باز سلامه وخرج جميع الضيوف من فناء المنزل ، قام رحمه الله فأمسك بيدي ، ثم أسرّ لي قائلاً : " يا بني ؛ لو كان فيه خير [ الدخان ] لم تسبقنا إليه ، ولكني أسأل الله جلّت قدرته أن يعصمك عنه " . يقول مفرج – رحمه الله تعالى - : استحييت من الشيخ ، ثم جاملته بكلام عام ، وأدعية عامة بأن يعصمنا - تعالى - عمّا يغضبه ، وبعدها قبّلت رأسه ثم خرجت . تفرق الجمع بعد هذه الزيارةالميمونة ، واشتاقت نفسي إلى شرب الدخان ؛ فأخرجت علبته ، ثم استخرجت سيجارة منها ، وأشعلتها في فمي ، فلما أن استنشقت أول نفَس منها : إذا بنارٍ تضرب كبدي لم أطق الصبر لها ، فأطفأتها حالاً ، ولم يخطر في بالي لحظتئذ أي شيء ؛ إذ إني ظننت هذا الألم يعود لأمرٍ ما قد حال دون تلذذي المعتاد دومًا بشرب الدخان ! يقول : بعد مضي وقت على هذا الألم ، أعدتُ الكرّة مرة أخرى ، فإذا بشوط نار كان أقوى من السابقة يضرب مرةً أخرى كبدي ، فأطفأتها ! بعدها بساعات ، أعدت الكرّة ثالثة ، فأحسستُ بما هو أعظم من السابقتين في كبدي ، فرميتُ عندئذ علبة الدخان ، ثم قلتُ فوراً : أصابتني دعوة الشيخ ! ومن حينها تركتُ الدخان إلى غير رجعة . يُضيف مفرج قائلًا : بعد مضي عام أو عامين ، خرجتُ إلى الحج بمعية الشيخ عمر بن ربيعان – كما هي عادة بادية الروقة من عتيبة - ، وفيما أنا في مزدلفة ، إذا بي أرى الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى – منحنيًا إلى الأرض يلقط حصوات رمي الجمرات ، فعمدتُ إليه فوراً ، ثم قلت : " السلام عليك يا شاخ " ! يقول مفرج : ما أن سمع الشيخ ابن باز صوتي ، وبالرغم من هذه المدة الطويلة نسبياً ، ومع أنه لم يلتقِ بي إلا مرةً واحدة في حياته ، إلاّ أنه فوراً قال لي : " وعليكم السلام .. مفرّج ( بصيغة الاستفهام والتأكد ) ؟؟ " !!! يقول : فعجبتُ في نفسي من هذه الذاكرة التي لم تخطئ صوتاً عابراً كان قد مرّ على مسمعها للحظات سريعة قبل عام أو عامين ! على أية حال ؛ قلت للشيخ – الحديث لمفرج - : نعم أنا مفرج يا شاخ ، وثمة قوم معي يفرحون بك ، وأنت لا شك ستفرح بهم ، فما رأيك لو صحبتني إليهم ؟ فقال ابن باز : من هم ؟! فقلت : الشيخ عمر بن ربيعان ! يقول : فتهللت أسارير الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى – ثم قال : على بركة الله ؛ خذ بيدي فلنمض إليهم ! يقول ابن بليهيد : ولم يدر عمر بن ربيعان إلاّ وأنا أزف له الشيخ ابن باز بيدي ؛ فلا تسل عن فرحة الاثنين ببعضهما !

ثم أما بعد ؛ فهذه قصة لطيفة ، أرويها على مسئوليتي وذمتي ، نقلاً عن أبي ، عن مفرج بن بليهيد مباشرة ، ومن أراد التأكد من صحتها – ومن حقه هذا – فإني سأسعى جاهداً للوصول إلى أبناء مفرج رحمه الله تعالى . رويتها تعطراً بذكرى الشيخ ابن باز ، ورجوتها أجراً للترحم عليه .

آيدن .

آ
آيدن

مستقل جدًا في الفروع ، منحاز جدًا إلى الأصول ! صفحتي على الفيس : https://t.co/DqvtdACREM

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات