"الشارع مدرسة شعبية" : تجربة الشاعر والمناضل السوداني محجوب شريف التعليمية والتربوية :
👨🏫على عكس قريفث - الذي أسس وادار مدرسة "بخت الرضا" الاستعمارية عدة سنوات- اقتنع محجوب شريف، بشدة، بأنّ محيطَ المدرسة السودانية عامرٌ بالثقافة، لا كنصوصٍ فحسب، بل كممارسة في الأريحية والفضل والتراحم ورباطة الجأش وغيرها.
👨🏫وهو- خلافاً لبخت الرضا - التي بخست قدر السودانيين من الثقافة- يريد لتلاميذه أن يتصلوا بتلك الثقافة نصاً وممارسة، لكي ينشؤوا على خلقٍ عظيم. وقد سبق له أن قال ذلك شعراً :
🚦"والشارع مدرسةٌ شعبية"🚦
👨🏫عُيِّن محجوب معلماً بمدرسة الأساس ب"الأحفاد" في التسعينات الأولى برغبةٍ من مجلسِ الآباء ( بعد أن فصلته دولة الإنقاذ للصالح العام!) . وقد وفرت له المدرسة مناخاً طليقاً يجرب فيه "مدرسته المفتوحة على الشارع"، أو :
🎭 "مسرح الشارع" ... كما وصفها ضاحكاً ... 🎭
👨🏫لم تكن حصص محجوب تنعقد في فصلٍ بحيطانٍ معلومَة؛ فقد كسر محجوب الحائطَ الرابع، بلغةِ المسرح، وراح يأخذ تلاميذَه إلى الطرقات، ويعلمهم [وهم يتجولون] قاعدةَ المُفرَد والمثنى والجمع، بجعلهم يعدون شبابيك منزل ما : شباك شباكان شبابيك، أو ربما اطلعهم على مترادفات شباك، مثل: نافذة نافذتان ونوافذ .
👨🏫وكان لمحجوب مطلَباً ابعد من مجردِ قواعد النحو؛ فهو كان يريد لهم أن يأمنوا للشارع : لسابلتِه ولخلطتِه وضوضائِه ولغتِه، أي لوطنِهم ...
👨🏫ولقد أثرى محجوب طاقمَ التدريس بجمعِ التلامذةِ بالحبّوبَة كمثقفة ومدرِّسَة [والحَبّوبَة في السودان هي الجَدّة، وخصوصاً راوية الحكايات للأطفال كما يبدو]، ولقد تناغم محجوب، دري أو لم يدر، في الجرأة مع دعوة "عبدالله الطيب" لبدء تعليم العربية بالحكايات الشعبية ...
👨🏫إنّ "محجوب شريف" معدنٌ تربويٌّ لا ينضب، وقد غطَّت ثوريتُه الشعريةِ على أكثرِ ثورياتِ محجوب خطراً؛ وهي تلك التي ترخي لخيال التلاميذ أعنة الطلاقة.
فقد بدا من بخت الرضا[المدرسة الاستعمارية] ورأى انغلاق تجربتها عن مرجعيةِ الشارع السوداني، ولتنمية هذا الخيال كسر محجوب الفصل الدارسي..
👈وهذه ثورة الشاعر على"اعتقال الخيال"التحفظي؛ فالشاعر وحده الذي يرى الخيال كاستثمار مضمون الرَّيع، بينما تأتَمِر عليه كل القوى الأخرى، مثل الحكومة والأحزاب والعائلة والمدرسة؛فكلها تأتَمِر عليه تريد تدجينه أو تلويثه لصالحها👉
👨🏫 ولا يعني [ تبني محجوب لهذا النمط من التعليم ]أن محجوباً قد قرر أن تعليم الفصول قد خرّف وجاء تعليم الشوارع لا غير؛ فلم يرِد محجوب من "مدرسة الشارع" سوى رد الاعتبار لعلم السودانيين الذي جهلته "بخت الرضا"،[وبالتالي] حجبت عن المدرسة الأولية كتزاً من المعارف لا يفنى.
--------
باختصار وبشيء من التصرف، عن كتاب "بخت الرضا :الاستعمار والتعليم"، د.عبدالله علي ابراهيم، ٣٥ - ٣٨،
-------
العنوان مني. وما بين الاقواس المكسورة أيضا مني للتوضيح.
-------
ملاحظة : للمزيد من الدقة والفهم، لا بد من ربط تجربة محجوب شريف التعليمية/التربوية بالمدرسة التي درَّس فيها، مدرسة الأحفاد، وبالواقع السوداني عموماً، خاصة الاعتماد تاريخيا، وربما حتى الآن بشكل أقل طبعا، على التدريس في "الخلوات". كما أنها ردة فعل على منهج التعليم الاستعماري الذي فصل التلميذ عن بيئته وثقافته، لأهداف استعمارية، حاول كاتب "بخت الرضا" تسليط الضوء عليها.