يبدو أن القصة معروفة: لم يكمل (بيل جيتس) دراسته في هارفارد، بل تركها ليبدأ عمله الخاص حتى انتهى إلى امبراطورية مايكروسوفت الشهيرة. قصص شبيهة تتكرر على مسامعنا من باب التحفيز: حياتك لا تنتهي إذا أخفقت في الحصول على شهادة جامعية. بالمقابل، قد تروى نفس القصص لهدف مغاير تماماً: التقليل من أهمية الشهادة الجامعية و أنها الأسلوب الخطأ لإعداد الراغبين في العمل. هذا المقال لا ينتصر لإحدى وجهتي النظر، لكنه يرى القضية جديرة بالنقاش.

في هذا الإطار نشر الباحثان (ريتشارد أروم) و (جوسيبا روكسا) كتاباً مهماً بعنوان (تعليم فاقد للاتجاه: محدودية التعليم في الحرم الجامعي)  يناقش القيمة التي يضيفها التعليم الجامعي للطالب. يبحث الكتاب عن تمكن الطلاب من مهارات الكتابة و التفكير النقدي و التفكير المنطقي، و يناقش العوامل المرتبطة بهذه النتيجة كتعليم الوالدين و دخل الأسرة و الخلفية الاجتماعية و العرقية للطالب. لماذا؟ حدد الباحثان مجال البحث بالسنتين الأوليتين من الجامعة، حيث تركزان عادة على تأسيس الطالب و بناء المهارات الأساسية على أن تركز السنتين الأخيرتين على المهارات التخصصية. بعد دراسة نتائج 2322 طالب من 24 جامعة و كلية مختلفة، قام الباحثان بمقارنة التغير في نتائجهم خلال عامين، وجد الباحثان أنه على الرغم من القيمة المنتظرة من الشهادة الجامعية فإن 45% من الطلاب لم يحققوا تقدماً جوهرياً في مهارات أساسية كالكتابة و التفكير النقدي و المنطقي، و قرابة النصف ابتعدوا عن تسجيل المواد التي تتطلب دراسة أكثر جدية (قراءة 40 صفحة أسبوعياً أو كتابة بحث من 20 صفحة). يلفت الباحثان الانتباه لهذه القضية لأسباب عدة، منها أهمية مخرجات الجامعة للحفاظ على المكتسب الديموقراطي للمجتمع، و أهميتها لسوق العمل ، حيث كشفت دراسة أن 90% من أرباب الأعمال وصفوا مهارات التواصل و التحليل و حل المشكلات بأنها "بالغة الأهمية"، بينما لاحظت نفس الدراسة أن قرابة 16% فقط يبرعون في التواصل الكتابي و 28% يتميزون بالتفكير النقدي و القدرة على حل المشكلات. 

عندما وصل الرئيس (بارك أوباما) إلى الحكم قدم بفكرة مفادها أن التعليم الجامعي حق لكل أمريكي، و في هذه الأيام يسعى لجعل كليات المجتمع مجانية التكلفة. لا تختلف الصورة في بلادنا حيث يؤمن كثيرون مع التوسع في إنشاء الجامعات و ابتعاث الطلاب أن التعليم الجامعي مهم بل و حق لكل مواطن، و بحسب إحصائيات التعليم العالي بالسعودية حصل 293665 على قبول جامعي في العام الدراسي الحالي،  فهل نبدأ النقاش حول ما يضيفه التعليم الجامعي فعلاً ؟ أرجو أن تصل الرسالة للوزير الجديد.


-

صفحة الكتاب http://www.goodreads.com/book/show/9555284-academically-adrift

مصدر الصورة http://chronicle.com/img/photos/biz/photo_18498_carousel.jpg