قد تبدو العزلة كالجوهرة الذهبية أو أمرا لامعا أو كصدف ملقى على شاطئ البحر تستطيع الاختباء بها أو ككهف تستطيع خلق عالمك به، ولكن مهما تبدو الوحدة أمرا رائعا وتنجذب نحوه يكون للناس أهمية أيضا في حياتنا، أهمية في بقائنا وتأثيرنا، أهمية في الحب والاهتمام والاحتواء والتزاوج والخلفة، نحن لا نستطيع العيش بدون بعضنا البعض، كلنا متشابكين في دائرة متينة، في دراستك وعملك ستحتاج لبشر ليكملون الأمر، تكون الحياة مختلفة بقرب الناس، أكثر بهجة وسعة والحصول على المزيد من الأمور والمكافآت والتطور، الشخص الاجتماعي يكون أكثر عرضة للمواقف وتنوع الأحداث في حياته والتأثير أكثر من الشخص الغير اجتماعي، ولو بدا أن الحياة مع البشر أكثر عرضة للمشاكل والاصطدام وزيادة التوتر والغضب والانهيار وان تكون معرض بشكل أكبر للنقد والتجريح والأذية بعكس الشخص المنعزل الذي قد يكون ريح نفسه من كل هذا وأبتعد عن البشر ليحمي نفسه من كل هذا ويبقى بمفرده، العزلة تساعد الشخص بإقامة علاقة قوية وعميقة مع ذاته والتفكير والتأمل وزيادة وعيه وثقافته وشغل أوقاته بما يريده هو بعيدا عن تأثيرات البشر عليه ومزاحمتهم لوقته ويومه، خير الأمور أوسطها عزلة وعلاقات اجتماعية، أن تبقى بمفردك لوقت كافي، تكون معتمدا على نفسك بالكثير من الأمور مكتفيا بها قدر استطاعتك، وأن تختار علاقاتك بعناية لنوعية أشخاص تحتاجهم بحياتك ويكون لهم تأثير إيجابي عليك، بعيدا عن المجاملات والعلاقات الضائعة المهدورة التي لا تأتي إلا بالأذية والتأثيرات السلبية، كل مرحلة قد يتغير الأشخاص بحياتك وقد يختفي الحب وتتبدل المشاعر ويختفي أشخاص ليحل محلهم أشخاص أخرين يناسبونك ويساعدونك لفترتك الحالية، العلاقات الاجتماعية مهمة في حياتنا ولا يمكننا التخلي عنها، وكما قيل في علم النفس الإنسان بطبيعته وفطرته كائن اجتماعي، ولا يمكن لهذه الفطرة أن تتغير، بإمكانك مداواة نفسك من صدمات الماضي والبدء من جديد للاختلاط بالناس لتعطي ولتأخذ قدرا من الحب والاهتمام والمساندة وصنع لحظات مبهجة مع البشر لتشارك لحظتك في ذاكرة أخرى غير ذاكرتك، وتتقبل السلبيات التي لابد منها، وأن تعرف جيدا كيف تختار الأشخاص من حولك، العلاقات المساندة التي تبهجك، وتزيد حبك للحياة، لم يوجد البشر على الأرض للعنصرية والسخرية والتفاخر بمن الأكثر والأفضل، ماذا إن تكاتفنا لتكون الحياة محل عبور أجمل، أن تكون أبسط من كل التعقيد ميسره سهله، إن كنا خلقنا من أجل العبادة، أن نلتزم بهذه الغاية من خلقنا، قال الله ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) أن تكون العلاقات بالتعارف وعدم الصراع على محاولة إثبات من هو الأفضل أو أي قبيلة هي الأولى، حتى علاقات البشر مع ربهم قد لا تدركها الله وحده عليم خبير بها، علام الغيوب المحيط بكل شيء، ما يخفى عليك الكثير ولكن الله لا يخفى عليه شيء يعلم حتى عن مثقال ذرة.