ها أنا اليوم وقد أكملت ربع قرن من عمري في هذه الحياة، لقد كبرت ونضجت، وأضعت الطريق في أحيان كثيرة ووجدته في مرات عديدة، ممتنه لكل ما مضى من جمال ومسرات، وممتنه لكل تلك اللحضات الصعبة التي جعلت مني شخصا أفضل وأقوى، ها أنا اليوم في لحظة مختلفة في بدايات عمر جديد، أشعل منها الفرح والسرور والأمل متطلعة لعام أفضل ولعمر أفضل ولنضج أكثر، هل يخاف الإنسان أن يكبر بالعمر؟ ولماذا يخاف؟ ولماذا يبدا الشخص بإخفاء عمره حين يكبر أكثر بالعمر ويريد أن يرجع إلى عمر قد عاشه في الماضي البعيد، لا تكون الحياة ثابتة لذلك أنت تكبر لن تعيش هذه الحياة كلها وأنت ابن العشرين او الثلاثين، ستجرب كل تلك العقود في حياتك حتى تنتهي حياتك، تخيل ان يكون عمرك ثابت والسنوات لا تتحرك ان لا يتغير شكلك وتستمر الحياة، أليس ذلك مملا؟ ما قيمة الحياة بدون تجربه بدون ان يكبر الإنسان ويجرب مراحل عمريه مختلفه في حياته، بتغيرات جديدة وسلوكيات جديدة من براءة الطفولة إلى تعثرات المراهقة إلى الشباب ثم الشيخوخة، أن تجرب ان تنضج وأنت تكبر وتتولد لديك الحكمة والإتزان، دع الحياة تنساب بداخلك تأخذ منك وتكبرك، دع الحياة تسرق سنوات عمرك، دعها تمضي، لا تتشبث بالحياة إنها ليست دائمة، دع نفسك تعيش وتجرب حتى تموت، ودع ذلك البياض يغطيك ليخبرك بأنك مضيت عمرا كاملا هنا، ليذكرك بعملك وتفاصيلك التي عشتها، بإنجازاتك بسلوكك بخبرتك الطويلة، حين تقبل على مشارف النهايات فهذا أنتصار بأنك تغلبت على كل المصاعب ووصلت للنهاية، دع نهايتك تكون مشرفه، لا تخجل من عمرك ولا من التجاعيد التي تزين وجهك، ولا من البياض الذي حل مكان السواد، أليس البياض رائعا؟ ياتي جيل جديد بطفولته العذبه وشباب متحمس للعمل والإنجاز، لكنك كنت يوما مكانهم وكانت لديك الفرصه بكل أتساعها، نهاية الفرصه أيضا أمرا رائعا، كل شخص فينا يأخذ فرصته لا تطلب من الفرصه أن تطول أو أن توهم نفسك بإستمرارها تخالف بذلك حقيقتك وعمرك وكل شيء يدل على عكس ذلك، عش طفولتك وعش مراهقتك وشبابك، وعش عمر الشيخوخة وانظر لكل عمر ماذا يحمل في أيامه ومميزاته وعيوبه، وإن بدت كل المؤشرات بقرب رحيلك ابتسم وأترك الدنيا بكل ما فيها، هناك حياة أجمل أخرى بإنتظارك.