ولهذا قصة ... تخرجت من المرحلة الثانوية وكنت الثالث حينئذ على المنطقة ، ولذا رحبت بي جميع الكليات ، ولكني كنت مغرماً وشغوفاً بسلاح الجو !
أمنيتي في الطفولة هي أن أكون ضابطاً طياراً ، ولهذا تقدمت بملفي إلى وزارة الدفاع والطيران .
في وزارة الدفاع كان التقديم ينص على اختيار كليتين أو ثلاثة - لا أذكر - من أصل أربع كليات ، وهي : الطيران ، والحربية ، والدفاع الجوي ، والبحرية . اخترت كلية الملك فيصل الجوية رغبتي الأولى ، ووضعت الثانية كلية الملك عبدالعزيز الحربية ، وبدأتُ بعدها مرحلة الفحص الطبي .
في حال الفشل الجزئي في الكشف الطبي لدى الكلية الجوية - وهي أصعبهن في مسألة القبول - فإنه يتم تحويل الطالب لرغبته الثانية ، وهنا كانت الصدمة ... مضت إجراءات الكشف الطبي تتآكل بنجاح ، إلى أن وصلت إلى مرحلة سهلة للغاية ، وهي الوزن والطول !
كان وزني نحيفاً ، وهو 56 كجم ! في حين أن طولي كان 174 - قبل أن يزيد فيما بعد - !
قال لي الطبيب : وزنك نحيف جداً ، ومعك مهلة أسبوع لرفعه - أظنه طلب عشرة كيلوات - !
يا إلهي ! ماذا آكل لرفع وزني الخفيف في هذه المدة القصيرة !
عموماً رجعت إليه بعد هذه المدة ووزني كما هو أو أقل ، فتم تحويل ملفي إلى الكلية الحربية !
قبلت بتحويل ملفي إلى الكلية الحربية ، وأنافي الأساس غير مقتنع بصلاحيتي للعمل في الجيش ( حفر الخنادق ورمي القنابل ) :)
كنت صغيراً ، فاتخذت القرار الخيالي الآتي : أدخل الجيش ، وبعد التخرج أذهب لطيران الجيش لإطفاء شغفي ( طيران الجيش : هو المروحيات فقط ) إذ كان الطيران نهمة قوية في داخلي ، ولا أدري كيف تنطفئ ، فاخترت هذا السيناريو الطويل للوصول إليه !
دخلت الكلية الحربية ، وأنا ذاك الابن المدلل والطالب الدافور :) ولكن ... لم أستطع التأقلم أو الارتياح !
أمضيت فترة " الاستجداد " وهي مرحلة مدتها 45 يوماً ، يتم من خلالها تحويل الإنسان المدني الذي في داخلنا إلى آخر عسكري !
ولكن أيضاً لم يتغير شيء ، فقررت أن أكمل شهراً آخر - لعل وعسى أن أنسجم - ، ثم بعدها أكملت الفصل الدراسي الأول ، وبعدها استخرت الله ، ثم استشرت والدي ، والذي قال لي : " ذهبتَ إلى العسكرية وأنا لم أكن متحمسًا لاختيارك هذا المجال ، والآن تريد أن تفصل من العسكرية وأيضاً لا أتمنى ذلك ، لأني - بصدق - أخشى عليك من استمراء الفشل " !
أقنعت والدي بكلام كثير ممل ، من ذلك أني رجل مدني بطبيعتي النفسية ، وأني لن أفشل ثانية ، فقال : هي حياتك أولاً وأخيراً !
وبإيجاز شديد ، فإني قد فصلت من الكلية الحربية ، ثم من بعدها في الجامعة قد فشلت في اختيار تخصص مناسب ، ولذا لاحت لي في الأفق فكرة " استمراء الفشل " التي حدثني عنها والدي !
ولكن ، وأخيراً بعد ذلك ، فإن الله تعالى قد وفقني ، فأكملت هنا شطرًا ، ثم خارج المملكة شطرًا آخر ، في قصة طويلة ، لا أظنها بتلك الإثارة أو التشويق لأحدٍ سواي :)
ودمتم :)
القائد الشهيد : آيدن :)