رأي : 


🔸️لست مع المطالبة بحقوق المرأة، بالطريقة والخلفيات والأهداف، التي تروج لها منظمات الأنجزة، ولكنني - بالتأكيد - مع رفع الظلم عن المراة، ومع كشف عورات هذا المجتمع الذكوري التسلطي والقضاء عليها، وذلك ضمن مشروع تحرري شامل : تحرر من التبعية للخارج ، ومن التخلف في الداخل .


 ارفض الأولى لأنها تغيِّب بعض الأسباب الحقيقية، والرئيسية لمشاكل المرأة، ولأنها تستخدَم كأداة اختراق لمجتمعاتنا . وكأداة لإثارة مشاكل غير حقيقية . ومع الثانية لأنها تضع يدها على الجرح، وتعالج مشاكل المرأة، والرجل أيضاً، ضمن علاج شامل يهدف إلى نهضة المجتمع ككل .


🔸️ولست مع المطالبة المحمومة بالديمقراطية (السياسية) ، بالطريقة والخلفيات والأهداف، التي تمارسها مؤسسات الأنجزة ، والغرب عموما، ولكنني مع ربط الديمقراطية بالمشروع التحرري النهضوي الشامل .


أرفض الأولى لأنها موجهة ضد الأنظمة الوطنية فقط، وضد من يحاول الاستقلال بقراره فقط، ولأنها أداة لإثارة القلاقل والنزاعات والفرقة في كثير من الأحيان . ومع الثانية لأن ربط الديمقراطية السياسية بالمشروع التحرري معناه أننا نتحدث ونطالب بالديمقراطية الاجتماعية والديمقراطية السياسية؛ اي : أننا نطالب - مثلا - بتوزيع عادل للثروة لا يمكن أن يحدث دون استقلال سياسي واقتصادي، ودون فك للتبعية، ودون القضاء على احتكار او تمركز الثروات، والسلطة السياسية، بيد قلة ... بهذا يصبح للمواطن الحق في المشاركة السياسية، والحق في ثروة بلاده ايضاً .


🔸️وقل مثل ذلك عن الكثير من المطالبات كالمطالبة بالمجتمع المدني مثلا، والذي تحدث عنه الدكتور موفق محادين كمصطلح يمكن - ويتم فعلاً - استغلاله من قبل الغرب الامبريالي كجزء من مخططات الأخير، ولكنه - حسب الدكتور موفق مصطلح قديم - ويجب أن يكون ضمن مشروع الحركات الوطنية التقدمية . 


🔸️يعني :


المشكلة - برأيي - ليست في المطالبة بالديمقراطية وحقوق المرأة والمجتمع المدني ... الخ، بل إن هذه المطالب - وغيرها - مهمة، ولها اسباب وجيهة، بشرط ان تكون ضمن المشروع الوطني التحرري، وخطيرة إذا كانت ضمن أجندات خارجية تفتت هذه المطالب، وتحملها ما لا تحتمل، وتستخدمها بطريقة تضر بالمصلحة الوطنية، وبهذه المطالب نفسها .


🔸️لا يجب أن نرفض هذه المطالب بحجة أنها مرتبطة بالأنجزة المشبوهة، وبالغرب طبعا، بل يجب ان نرفضها، بالطريقة والخلفيات والأهداف، التي تتبناها مؤسسات الأنجزة ... والرد الحقيقي هو ان تتبناها وتطرحها القوى والشخصيات الوطنية بالطريقة الصحيحة، اي ضمن برامجها الوطنية .. وقتها ستُقطَع الطريق على من يصيدون بالماء العكر . 


🔸️لا يجب أن تغيب الحقيقة عن عيوننا بسبب التركيز على المؤامرة - وهي موجودة وكبيرة جدا - فكل المفكرين والمناضلين الكبار، من الخط اليساري القومي خاصة، مجمعون - بحدود علمي - على أننا نعاني من مشاكل خارجية وداخلية، على المستوى الخارجي نعاني أساساً من التبعية والارتباط السياسي والاقتصادي بالخارج، وعلى المستوى الداخلي نعاني من تخلف كبير فكريا واجتماعيا ... الخ . وتخلف الداخل هذا يغذي التبعية للخارج، ويستقوي بالخارج، كما أن الخارج يرسخ هذه البنى الداخلية المتخلفة ... ولا يمكن ان نتحرر بالكامل من دون التحرر من التبعية للخارج والتحرر من التخلف في الداخل . إنهما مرتبطان ارتباطاً مصيرياً ... 


🔸️ما جعلني أسجل هذا الرأي هو موقف بعض الوطنيين الذين يواجهون الهجمة الامبريالية المؤسساتية، والاختراق الممنهج، الذي تشكل الجمعيات غير الحكومية أدوات مهمة فيهما، وانا معهم في ذلك، ولكنني فزعت من حدَّة بعضهم وحساسيته الشديدة تجاه مواقف البعض - الوطني أيضا- من قتل النساء ( مثلا ) . فزعت لان موقفهم يشبه تماما موقف المشايخ والمتأسلمين، فيصبح كل حديث عن حقوق المرأة او الديمقراطية تبعية وشبهة، والأدهى أنهم يجادلون بطريقة تشبه طريقة المتأسلمين أيضا، فيعددون مثالب الغرب، يا جماعة بنعرف تماماً مثالب الغرب، وبنعرف تماما ان المراة مظلومة هناك ،وأن ديمقراطيته كذبة كبرى، لكن هذا لا يعني ان مجتمعنا سليم، لا أبدا، وضع المراة عندنا كارثي، والظلم والقمع عندنا أشرس، مش فقط ظلم الانظمة السياسية، بل ظلم البنى والمؤسسات الاجتماعية أيضاً .. 


🔸️علينا ان ننتبه جيداً، وأن نكون دقيقين في مواقفنا، وإلا أصبحنا داعمين للتخلف والجهل والاستبداد من دون ان ندرك ذلك .


⚠️الحل ببساطة هو : 


دمج المطالب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وغيرها، بالمشروع الوطني ... بدلا من اعطاء الأنجزة الفرصة للتمدد بسبب غياب البديل الوطني ... 


إن الوطنية ليست موقفا سياسيا فقط، بل هي موقف شامل من كل القضايا التي تشغل الناس ...   


#خواطري_علاء_هلال