هناك بدايات تأسرني : سنوات الطفولة الأولى ، منظر أولى الأزهار ، خضرة اولى الاوراق ، لهفة الحبيبين ، و أشواقهما ، في لحظات الحب الأولى ، نقاء الماء قبل أن تعكره أوساخ الأرض ، حماسة الشباب، و قلقهم ، و هم يخوضون أولى تجاربهم ...
تأسرني هذه البدايات ؛ ففيها الصفاء و النقاء ، و الرقة و الإخلاص ...
ليتها تبقى ، و لكنها ، فقط ، بدايات ؛ فالطفل سيكبر ، و سيفقد - غالبا - براءة ضحكته ، و سيفقد دهشته الرائعة كلما رأى شيئا جديدا ، سيتبلبد حسه ، و ستجمد العادات مشاعره ، و تعطل عقله . و كذلك الأزهار و الأوراق ، و كذلك مشاعر الحبيبين ، و كذلك ماء السماء ... لا بقاء لصفاء البدايات و عذوبتها و رقتها ، لا بقاء لتلقائيتها، و نقاء معدنها ...
انها فقط بدايات ، فحسبنا أن نحيي قلوبنا بابقاء ذكراها حية ؛ نذكرها فتنتعش أرواحنا ، و تسمو نفوسنا ، و ترق مشاعرنا ... حسبنا أن نرصد الأطفال ، و أن نترقب تفتح الأزهار ، و أن نغسل ارواحنا بماء السماء ، حسبنا أن نحتضن الحب ، و ان نحوطه و نحرسه ، حسبنا ان نجدده ، نعم ، نجدده؛ فالحب الصادق لا يبلى ...