في مشهد روتيني أستيقظت في ساعات الليل المتأخره ذهبت لأغسل وجهي وأبدل ملابسي، لقد تعلمت حيله وهي أن أمزج أكثر من عطر كي أشم رائحة عطر لا ألفُها كنت أخشى من ذاكرتي العطرية وأظنني لازلت، يا إلهي لقد كدت أنسى أن أصلي مافاتني، وما إن إنتهيت حتى هممت لحمل كمبيوتري وكتابي وخرجت من غرفتي متوجه لغرفة المعيشة تفحصت هاتفي وإذ بأُمي قد تركت رساله قبل نومها تخبرني فيها بأنها قد وضعت لي الأكل في الثلاجه، الجو في البيت بعد منتصف الليل هادئ لدرجة أنه بإمكانك سماع دبيب النمل، صنعت لي كوب قهوة وسخنت قطعة من الكعك وشغلت التلفاز رغم أنني لا أهتم لما فيه ولكنها مجرد محاوله لقتل ذلك الهدوء المزعج، وأنا أتصفح هاتفي تاره وكمبيوتري تارة أخرى حتى بدأت أشعر بالملل، أخذت أُقلب في قنوات التلفاز علني أجد شيئًا، رسوت على برنامج وثائقي كان تحت مسمى"تحقيقات الكوارث الجوية" إنها حادثة تحطم طائره وموت كل ركابها، لقد كان هنالك فريق من المحققين يبحثون الأسباب خلف وقوع الكارثة، هل السبب عيب في تصنيع الطائرة أم خطأ وقع من كابتنها؟لقد خلصوا إلى إن كابتن الطائرة هو السبب لأنه لم يحسن قيادة الطائرة والهبوط بها حيث تسبب في عطل أحد المحركات وتوقف الطيار الآلي عن العمل نتيجة ذلك عندما كان الجو عاصف، عندما عادوا إلى سجل رحلاته وعدد الساعات التي قضاها في الجو كان من المفترض على غرار تلك السنين في الجو أن يمتلك الخبره الكافيه للخروج من تلك الكارثه على الأقل بهبوط جيد، لقد كان الطيار يعتمد في أغلب رحلاته على الطيار الآلي، وعدد ساعات طيرانه دون الطيار الآلي كانت قليله جدًا مقارنة بمسيرته، إن أعتماده طوال الوقت على من يقوم بالعمل بدلًا عنه أفقده مهاراته وفرصة تعزيزها وتطويرها مع الوقت، نعم لقد فقد الطيار مهارته حيث أنه عندما تعطل الطيار الآلي لم يستطع أن ينجو لقد هلك وهلك معه كثيرون، تحولت تلك الليلة الهادئة إلى عاصفه في ذهني لقد ذهبت بعيدًا بالتفكير، نحن نستخدم نفس طريقة ذلك الطيار ولكننا لسنا كابتن لطائرة بل نحن كابتن لعقولنا، نحن نضع عقولنا في وضعية العقل الآلي طوال الوقت، يقوم عقلنا الآلي بقيادة السياره عنا أنه يعرف جيدًا الطريق، نقلب هواتفنا لا إراديًا بين التطبيقات دون وجهة نقصدها، حتى صلاواتنا أنها مجرد حركات يقوم بها عقلنا وفجأة نسأل أنفسنا نحن في أي ركعه أو ماهي السورة التي قرأناها، عندما يعجز العقل الآلي عن مقاومة عاصفه ستكون عندها بأمس الحاجه لمهاراتك وقدراتك التي كان يتوجب عليك أن تتقنها وتطورها، حتى لاتحدث لك كارثه كما حدث مع ذلك الطيار، غير طريقك لعملك بين الفينة والأخرى، عندما تصلي أقرأ سورًا جديده، تناول قهوتك مُره مع قطعة تفاح بدلًا من الكعك، أقرأ في مجال قد لايروق لك، علم عقلك على الاستطلاع لاحظ الأشياء وتأملها من حولك، غير في أسلوب عملك للأشياء حتى لا يسيطر عليك الروتين الذي يقود العقل الآلي لتولي زمام الأمور عنك، حسنًا لقد عدت من رحلة التفكير وأنا شخصٌ أخرى يرى الأمور بطريقة مختلفه عمّا قبل، 

أنتهت الرحلة لقد كان الطيار(العقل)الآلي متوقفًا كليًا فيها، أهلًا بعودتكم سالمين