قصص البوليسية والجاسوسية غالبًا ما تحمل في طيّاتها جذبًا للقارئ ، إذ تجتمع فيها الإثارة ، والصخب ، والبطولة ، والخيانة ، وأمرٌ آخر يخصني وحدي ، وهو قراءة التعقيد النفسي للإنسان ...
تظل قصة الجاسوسة المصرية " هبة سليم " من أكثر قصص هذا العالم الاستخباراتي إثارة في المنطقة العربية ؛ لخطورة هذه الجاسوسة ، ولأهميتها ، وأيضاً لأن سبب عملها التجسسي وإخلاصها الكبير له كان غامضاً جداً ، حتى أن السفير المصري فخري عثمان ( بطل قصة القبض عليها ) لم يستطع تقديم إجابة محددة في اللقاء التلفازي معه في إحدى قنوات مصر الفضائية عن سبب إقدامها على عملها الخياني ؛ فهي حسناء جميلة ، وابنة طبقة مخملية ، ولذا لم تكن مهتمة كثيراً بالمال ، بل إنها ذات مرة قد ردت أعطية الموساد المالية لها ( عشرة آلاف فرنك فرنسي ) ، والرجل - أي فخري عثمان - قد عرفها عن قرب في باريس ، وكان معجباً بأفكارها عن القضية الفلسطينية !
هذه الحسناء كانت جولدا مائير شخصياً قد استقبلتها استقبال العظماء في تل أبيب ، ورافقتها طائرتان حربيتان مع طائرتها المدنية إلى مطار تل أبيب ، وكانت - أي جولدا مائير - تراها ابنتها المدللة ، وقد حاولت التوسط - بعد القبض عليها - عن طريق كيسنجر ( وزير الخارجية الأمريكي اليهودي ) لإيقاف إعدامها ، ولكن السادات بدهاء وسرعة بديهة قد قال لكيسنجر : " دي تم تنفيذ الحكم فيها " ، وبعد اللقاء بكيسنجر طلب إعدامها فوراً ، وإبلاغه شخصياً بالتمام - اي تنفيذ الحكم - ، وهو الأمر الذي جعل جولدا مائير تبكي فور سماعه ، وكذلك أدى إلى أن الضابط الإسرائيلي المكلف بتدريبها ( ادمون ) ينتحر فور سماعه خبر القبض عليها وهو في مدينة باريس !
الكثير من الجواسيس كان دافعهم المال ، أو الجنس ، أو العقيدة ، ولكن هذه الجاسوسة الشابة الحسناء الصعيدية لم أقرأ حتى الآن تحليلاً دقيقاً لسبب خيانتها !

( استطاعت تجنيد الضابط المصري فاروق الفقي ، ومن خلاله قدمت معلومات هائلة لليهود ، وهذا الضابط يقال أنه خال توفيق عكاشة ، وقد أعدم رمياً بالرصاص ) .

آيدن .