في أعقاب الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي، نظم بنك إنجلترا مؤتمراً يناقش ما إذا كان خريجو الاقتصاد مهيؤون لتلبية احتياجات سوق العمل، حيث نوقش الإخفاق الفكري الاقتصادي و نقص التدريب على المهارات، كما كشفت الأزمة.
على هامش المؤتمر، تطور النقاش بين مجموعة من طلاب الاقتصاد بجامعة مانشستر، حتى انتهوا إلى تأسيس جمعية طلابية عرفت بـ جمعية "ما بعد الانهيار" الاقتصادية، تعرف نفسها بـ "مجموعة طلابية من جامعة مانشستر تؤمن بضرورة إعادة التفكير في محتوى و أساليب تدريس الخطة الدراسية لتخصص الاقتصاد بالجامعة"، و لا تعتقد باختلافها عن بقية طلاب الاقتصاد بالجامعات الأخرى، لأن فكراً اقتصادياً واحداً يسود جميع الجامعات الكبرى. من أبرز طروحاتها أن "الرأسمالية" تكاد تكون المذهب الاقتصادي السائد، مع تهميش لكل نظرية اقتصادي بديلة، مما يعطل الإبداع و يلحق الضرر بالقدرة على التفكير النقدي، و يجعل التفريق صعباً بين الفرضيات الاقتصادية و الحقيقة العلمية. أيضاً، تغيب مناهج الأخلاق و السياسة و التاريخ عن الخطة الدراسية لتخرج التخصص عن سياقه الأمثل.
لا تنفرد هذه الجمعية بالنظر إلى أسباب الأزمة الاقتصادية برؤية مختلفة، فالتفكير في أسباب الأزمة أدى إلى التساؤل عن دور كليات إدارة الأعمال في تهيئة القادة و الاقتصاديين للمجتمع، و طرحت أسئلة من قبيل "لماذا نجد خريجي هذه الكليات على رأس المتسببين بالأزمة" و "لماذا لم تقم بدورها في التنبيه المبكر قبل الأزمة" و "هل تركيز حملة الماجستير في الإدارة عادة على تنمية ثرواتهم الشخصية جعلهم يتغاضون عن الالتزام الأخلاقي في العمل"؟
وصلت هذه التساؤلات إلى قلعة إدارية عريقة، هي جامعة هارفارد، و كانت محور نقاش طلاب برنامج الماجستير في الإدارة لعام 2009 ، فكان أن صاغوا قسماً شبيها بالذي يتلوه الأطباء و المحامون و أطلقوا عليه "قسم الماجستير في إدارة الأعمال".، فيه إدراك لما تؤدي إليه قرارات الشخص من تأثير و تعهد بالسعي لخلق فائدة أعظم للمجتمع عبر المنظمة التي يعمل فيها، و التزام بالنزاهة و المسؤولية، و السعي الحثيث نحو التطور و الاستقرار الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي. هو قسم اختياري ، و في هذه الأيام، تجاوز عدد الجامعات المتحالفة مع هذه المجموعة 250 جامعة مختلفة.
هكذا كانت الأزمة المالية للبعض فرصة للعودة لمناقشة أصل القضية: النظرية الحاكمة للاقتصاد، و العلوم التي تتقاطع معها كالسياسة و التاريخ و الأخلاق. و في خضم كل أزمة فرصة لمراجعة القناعات و تجديدها، فالأزمة سلاح ذو حدين: قد تصيب منظمة أو دولة ما فتفتك بها ، و قد تستثمرها لتكون نقطة انطلاق جديدة، و في حسن إدارة الأزمة يكمن الفرق.
=======
مراجع إضافية
The University of Manchester / Post-Crash economics society
http://www.post-crasheconomics.com/
MBA oath website
http://mbaoath.org/