أفتقد الحافة التي كان يمكنني دفع نفسي باتجاهها إلى هاوية ما تُعيد تشكيلي من جديد, أرضي الآن مستوية تماماً, مفتوحة تماماً لا جدار أضرب رأسي فيه ولا هاوية ألقي بذاتي إليها. أرضي على مد البصر, صلبة كلما طرقت قدمي عليها ارتد صوت الطرق إلى سمعي صافياً, لا شيء يعكر صفو صوته, لا شيء يعترض طريق موجاته, لا جمادات تكسر حدتها ولا فضاء يضاعفها أضعافاً, موجات صوت الطرق أسمعها كما هي بذات القوة أو الضعف. ما عادت الأرض طينية كما اعتادت أن تكون, و ما عاد المشي فيها شاقاً كما اعتدت أن يكون.
الأرض صلبة كما ينبغي, ولكني لا أمشي عليها كما ينبغي وكأني بهذا أماطل أحداً غير أنه لا أحد أماطله سواي! أعلم أن المسألة مسألة وقت وقد تتحول بعده الأرض إلى طينية أو حجرية, جبلية أو سهلية. مسألة وقت وسأعاني من المشي عليها مجدداً, مسألة وقت وينقلب الجو ضدي وتتبدل الأحوال.
حين تعاند أحداً قد تلين لأنك مخطئ في حقه, أو لأنه مخطئ في حقك! قد تعود إلى رشدك وتعتذر أو لا تعتذر, قد تتجاهل الأمر وكأنه لم يكن وأنت في الحقيقة لم تتجاهل الأمر وهو - أي الأمر- لازال كائن! حين تعاند أحداً قد تغلبك حدة العناد وتودي بك إلى طرق مسدودة أو سريعة لا عودة بعدها. حين تعاند أحداً قد تكون على حق أو يكون هو على حق أو كلاكما على غير حق! حينها سيكون لعنادك نقطة ينتهي بعدها وتتوقف, تعود إلى طبيعتك معه أو مع ذاتك لكن حين يكون ذلك الأحد هو نفسك, حين تعاند ذاتك, فتكون هي على حق وأنت على غيره ومع ذلك تصر في العناد. تسير في غير اتجاهك كمراهق أو تتوقف كجماد أو ربما تفترش الأرض كأحمق/جاهل. قد يأخذ عنادك أي شكل لا يشبهك ولا يلائم موقفك من ذاتك وموقفها منك وموقفكما من الحياة, إن كان ثمة موقف من الأساس! حين تعاند ذاتك لن يكون لعنادك نقطة وينتهي بعدها بل نقطة وتنتهي بعدها أشياء أخرى أهم!