ما یزید عن أربع سنوات منذ صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب. كتابة هذا الكتاب كانت بمثابة الحل

الأخیر لمواجهة الظلام الذي نزل بي و رافقني طوال حیاتي و عندما كنت أضع اللمسات الأخیرة في 2004 شعرت كما لو أن حملا أزیح عن كاهلي و أمكنني الابتسام لأول مرة منذ فترة و بالرغم من أني احتفظت دائما بكلمات أبي الأخیرة في رسالته لي قبل أن یموت وأنا أكتب الكتاب - أمني بنفسك یا شوكو - لم أكن أتصور أن ینجح الكتاب.

بعد أن نفذت الطبعة الأولى و التي بلغ عددها ألف نسخة من الناشر الأول للنسخة الیابانیة، بیع ما یقارب، المائة ألف نسخة في الیابان وحدها و یتم الآن ترجمة الكتاب إلى لغات عدة. من الرائع أن قصتي قرئت، من كل بقعة بین إیطالیا وصولا لتایلاند، أماكن لم أزرها إلا في صفحات كتب قصص كانت ملاذا لطفلة هاربة من التنمر. على مدى الأربع سنوات الماضیة، فكرت كثیرا وملیا بسبب نجاح الكتاب، لیس في الیابان و حسب بل في العالم. أحد الأسباب التي جعلت )قمر الیاكوزا( مختلف عن بقیة الكتب الیابانیة و الأفلام التي تناولت الیاكوزا هو أن المخرجین و الكتاب دأبوا على إظهار أفراد الیاكوزا بمظهر الأبطال. 

في هذا الكتاب، لن تجد فرد یاكوزا بطلا أو فرد یاكوزا ممجد، ستجد أبي، قائد عصابة قوي ذات مرة، أنهكه المرض فأنزلق به إلى الفقر الُمدقع، ستجد ثقافة مرتبطة بالمخدرات و العنف و أیضا صورة عائلة، و ستلاحظ أیضا أنني مرت بدروس قاسیة جدا قبل أن أتعلم أن أقدر والدي.

أثناء نشر الكتاب في الیابان، اعتراني القلق قلیلا من ردة فعل عالم الیاكوزا. لكن بالتزامي بتجربتي و عدم جر أي شخص إلى التجریم و الأحكام ممن ظهروا في قصتي، استطعت تجنب ردة الفعل، بل إن معظم القراء من الیاكوزا أعجبوا بالطریقة التي ظهر فیها عالمهم و أسلوب حیاتهم في الكتاب.

أحد التساؤلات التي وصلتني من القراء و الصحافیین غیر الیابانیین " ما هي الیاكوزا؟" أبسط رد كان لیكون هي المافیا الیابانیة لكن على الأرجح أن هذا الرد أبسط مما ینبغي، فالمعنى لكلمة یاكوزا )

مغروسین في الأرض أو یعتنون بالجذور ( و أحد الأمثلة التي توضح هذا هو ما حدث في زلزال كوبي عام 1995م عندما قدمت الیاكوزا المساعدات و المعونة للمتضررین قبل الحكومة مع أن الأمر أْبقى

بعیدا عن الإعلام.

هذا الكتاب لیس حصرا عن الیاكوزا، إنه قصة حیاتي بكل جوانبها الإنسانیة، و المخاوف التي نواجهها جمیعا في ممر الحیاة بغض النظر عن جنسیاتنا، كالتنمر والانحراف و المخدرات و السجن و الحب والعنف والزواج والطلاق والدیون و اضطرابات الأكل ومحاولات التخلص من النفس بالانتحار و المرض و أخیرا الموت، للجمیع مشاكله برغم مظاهرنا السعیدة الخادعة، و أعتقد أن معظم القراء لدیهم معرفة ضحلة بعالم الیاكوزا عندما قرءوا الكتاب أول مرة لكن أمكنهم ربط أنفسهم بطریقة ما بالمصاعب التي عایشتها.

َ

َ

الرسومات التي تظهر على صورتي الشبه عاریة على غلاف النسخة الیابانیة و العالمیة كانت محط الكثیر من الكلام و أمضیت وقتا لیس بالقلیل على مدى السنوات الماضیة أجاوب اسئلة الصحفیین من أنحاء العالم، ذهلت قلیلا من أن القراء و الصحفیین الاجانب )غیر الیابانیین( أظهروا ردة فعل سلبیة تجاه وشومي. في الیابان و لارتباطها بالیاكوزا تعتبر هذه الوشوم من المحرمات، بالنسبة لي حصولي علیها كان حدثا ایجابیا ساهم في تعزیز قوتي الداخلیة وجعلتني أقوى و ساعدتني على كسر نمط التدمیر الذاتي الذي كنت أدور فیه، علمت عندما قررت أن أضعها أنني بذلك أ ِحد من فرصي في الحیاة لكني شعرت و للمرة الأولى في حیاتي أنني صادقة مع نفسي بشأن من أنا وجذوري، أبي قائد یاكوزا و هذه حقیقة في حیاتي، لكني لا انظر الى طفولتي بشوق مع علمي بكل الفظائع التي ترتكبها الیاكوزا لكني أحببت أبي ولم أقلل من احترامه لاختیاره أن یكون من الیاكوزا، احدى اقدم الذكریات عن أبي عن الوشم الجمیل لـ)جیبو كانون ( 1 الذي یغطي ظهره، و ظهور رجاله من حوله في منزلنا، قراري بوضع الوشم كان اعترافا بحمضي النووي و أمدني براحة وعزیمة، أمر مشابه لكتابة هذا الكتاب كلاهما ساعدني في إیجاد مكان في العالم.

قراء الكتاب تراوحو من طلاب الثانویة العامة إلى كبار السن، وصلتني رسائل من مدراء تنفیذین لشركات ضخمة وایمیلات ُتدمي القلب من فتیات شابات تورطن بالدعارة و یبحثن عن سبل للخروج، عدد كبیر مفاجئ من الرسائل وصلني من قتلة یقضون محكومیاتهم في السجن ، أعتدت على التساؤل لما لهذه الرسائل حمیمیة معي؟ فقط عندما بدأت بالتجاوب مع هؤلاء السجناء أدركت أنه لیس من المعتاد ان یعرفك الناس فقط من قرأت كتابك، فالجمیع بدون استثناء أتوا من عائلات معقدة و عانوا الكثیر من الهجر والعزلة. شيء أشاركه معهم، انتهى بي المطاف إلى تبادل رسائل ثریة مع بعض من هؤلاء السجناء. بعض الرسائل كانت غریبة فقد وصلني الكثیر من الرسائل غالبا من رجال یابانیین تقول " السیدة تندو لما لا تتزوجیني؟ سأجعلك سعیدة" - أتمنى لا یتولد لدیك انطباع بأني اتبجح - لكني أرید مشاركة بعض ردات الفعل التي وصلتني و التي قد تلهمك كجزء من قصتي، أحدهم كتب لي " أشعر بالاسف لما مررت به، أستطیع شراء منزل ل ِك و سیارة و أي شيء تریدین" بالطیع أرید مالا و ارغب بأشیاء جمیلة كثیرة لكني لست شخصا ینبغي الشفقة علیه وأعلم یقینا أن الاشیاء المادیة لا ترضي القلب و لا تسعده و بالتأكید لم أكلف نفسي عناء الرد علیه.

-----------------------

شوكو لا تتوقفي عن الثقة بنفسك .... معرفتي محدودة بهذا العالم و مهاراتي الكتابیة ضعیفة، لكني دائما ما أبقیت كلمات أبي حاضرة في ذهني كما بذلت أقصى ما بوسعي، قصتي المبتذلة لاقت اعجابا من الكثیر: الیاكوزا و غیرهم، و الیابانیین و غیرهم، و هذا ما یظهر بوضوح أنه اذا استمریتي ببذل جهدك مع الثقة بنفسك، ستتفتح

أمامك السبل، و بالتاكید ان نجاح الكتاب یعود الیك والى القراء الذین اختاروه لیقرأوه، أشكرك من أعماق قلبي.

في العام 2005م رزقت بابنة، ووالدها لیس من عالم الیاكوزا، لكن علاقتنا واجهت بعض العوائق، لذا أجد نفسي الیوم وحیدة مع ابنتي، لم أتصور أبدا أن اصیر أما في المستقبل، لربما كانت تربیتها صعبة جدا أحیانا لكنها علمتني كثیرا، و أشعر أننا نتعلم معا، الامومة تغلب دائما تعب الازمات، تذكرني ابنتي بطفولتي و مع أن عائلتي تهاوت احیانا في اوقات الشدة ألا انه كان هناك سعادة أحیانا، استغرق الامر طویلا لأشعر بقیمة العائلة، لكن الآن أدرك أن العائلة هي المكان الاسعد لي، و بما أني لدي طفلة الان - عائلتي الخاصة - یجعلني هذا أسعد من أي مخلوق على الارض.