الاقتصاد في انت فا ضة ١٩٨٧ ، #باسل_الأعرج ...
قبل أن أُلخِص بحث الش*هيد باسل أظن أنه لا بد من مدخل بسيط :
إنَّ الإحت*لال ليس ظاهرة عسكرية سياسية فقط ؛ هذا المظهر السياسي العسكري هو ( على خطورته ) أهون من مظاهر الإح ت لال الأخرى ( الثقافية ، الإقتصادية .. الخ ) ؛ فالاح ت لال بشكله المادي العنيف يسيطر على الأرض ، و يؤذي الجسد، لكن الاح ت لال باشكاله المعنوية و الاقتصادية يطمع إلى نوع في غاية الخطورة من السيطرة، يطمع في السيطرة على العقول ، و الى طمس الهوية الوطنية، و إلى نهب أرزاق الناس و تجيير البشر لخدمة مصالحه ...
و الاحت*لال الص*هيو ني قد يكون أخطر أنواع الإحت*لال و أخبثها ، فقد سبق هذا الإحتلال و رافقه تمهيد طويل لسلب الإنسان الفلسطيني ، و العربي ، إرادته و هويته و عقله ، لقد سعى الغرب الاستعماري و حليفته اس ر ا ئيل إلى السيطرة على الأرض و من عليها ، لإحلال نظام شامل يخدم السيطرة الغربية و أهل الأرض راضون مسرورون ...
و المجال هنا لا يسمح بالتوسع في العرض ، لأننا نهدف الآن إلى استكمال عرض أبرز أفكار الشهي*د #باسل_الأعرج ، و قد وصلنا إلى بحثه حول " الاقتصاد في الانت*فاضة " (انت*ف*اضة ١٩٨٧ ).
ملخص بحث باسل الأعرج :
*يبدأ بحث باسل بالتاكيد على ما حاولنا توضيحه أعلاه ، أي : سعي الإحت*لال إلى ممارسة السيطرة ، و بما أن هذه السيطره شاملة الأهداف و المجالات، فإن " المقاو*مة الشعبية " أيضا يجب أن تكون شاملة ، متعددة المجالات، حتى تتمكن من حرمان الإحت*لال من ممارسة سيطرته .
*ثم يستعرض الأعرج الهبات التي تلت النكسة ، و يستعرض المجالات التي شملتها الم ق ا ومة الشعبية ، و أهمية كل مجال:
-ففي المجال السياسي تسعى الم ق ا ومة إلى " توطيد #قيم_ثورية تحارب #التقاليد البالية ، و ترسخ مسلكيات جديدة .
-أما في المجال الاجتماعي ، فهدف المق ا و مة اجتماعيا هو " خلق أطر #جماهيرية_شعبية مغايرة للأطر التقليدية للمساعدة في تحرير الفرد مما يتعارض مع متطلبات الم ق اومة، و تساعد على إيجاد المناخ الملائم لتطوير الفرد ذاتيا و اجتماعياً ، و تطوير امكانياته الذهنية و الثقافية للإشتراك بشكل فِعْلِي ، و فعَّال ، في الم ق ا و مة و تطويرها و ترسيخ المسؤولية الفردية ، و حث #الجماهير على التعاون لحل المشاكل ورفع مستوى الوعي السياسي و الاجتماعي ، و الارتقاء بالعمل الجماعي.
-أما في المجال محل الدراسة ( المجال الاقتصادي) فالهدف هو معرفة المشاكل الجماهيرية و السعي لحلها ، و التوجيه و التدريب لرفع الكفاءة الانتاجية لخدمة الم قا و مة في تحقيق #الإكتفاء و #الإستقلالية .
ليخلص الأعرج من عرضه إلى التأكيد على " تلاحم مجالات الم ق ا و مة ، و تكاملها ".
*ثم ينتقل الأعرج لتلخيص الوضع الاقتصادي و الاجتماعي قبل وعشية ان ت فا ضة ١٩٨٧ منبها إلى سياسة دمج #الاقتصاد_المحلي ب #الاقتصاد_الإسرائيلي ، و تدمير الأسس التقليدية للإقتصاد المحلي .
لقد سعى الاحتلال الى تسويق منتجاته في الأراضي المحتلة، و اعتبار السوق الفلسطينية "رأس حَرْبَة " للوصول ألى #الاسواق العربية ، و إلى الإستفادة من #الايدي_العاملة الفلسطينية ، و ألى جباية #الضرائب لتغطية مصاريف الاح ت لال .
*ثم عدد باسل آثار سياسة الإح ت لال على المجتمع و الإقتصاد الفلسطينين ، فذكر منها :
- إزدياد التضخم
- إنخفاض معدلات النمو
- منافسة منتجات الكيان لمنتجاتنا المحلية .
- بالتالي ضعفت #القدرة_الشرائية فلسطينيا ، في ذات الوقت الذي تفاقمت فيه #النزعة_الاستهلاكية.
- تم سحق فئات واسعة من شعبنا الفلسطيني ، و اقتلاعهم من أرضهم ليصبحوا أُجَراء عند الاح ت لال . كما أدت هذه السياسات الى آثار عميقة في التركيبة الإجتماعية للسكان ، من ظهور قلة من المستثمِرِين المرتبطين مباشرة بالإقتصاد الإسرائيلي ، و تحول غالبية السكان الى شرائِح كادحة مسحوقة مما أدى الى ازدياد عدد العمال بالأساس .
- تفاقم #أزمة_السكن و انعدم التطوير للقطاع الصحي ( كان معدل وفيات الاطفال في مناطق ال ٦٧ ضعف المعدل في مناطق ال ٤٨ )
- مست الإجراءات ضد المؤسسات التعليمية الى المسّ بالقطاعات الشابة و المثقفة ، و دفعتهم الى الصدام مع الاح ت لال .. أما #العمال فقد أدى الاضطهاد المزدوج( القومي أساسا ، و الطبقي بشكل ثانوي ) الى تجاوبهم مع الانتفاضة و مطالبها .
* و بما أن السياسة - كما قال #لينين - تعبير مكثَّف عن الاقتصاد ، فقد ساعدت هذه الحالة الاقتصادية التي أنتجها الإح ت لال ، في تجنيد العمال و الطلاب و المثقفين ، و تسييس مطالبهم ، نقول ساعدت لأن باسل الاعرج يعتقد ان الإن ت فاضة كانت مدفوعة أساسا ب"الدافع السياسي و الوطني " ، لكن " الظروف الإجتماعية و الإقتصادية السيئة جعلت الأمور المطلبية و الحياتية تساهم في تعبئة الكثير من القطاعات الجماهيرية و في تسيسها و تأطيرها ،و ربطت الإن ت فاضة بين مصالح الشعب الحياتية الآنية بمطلبهم السياسي " ..
* بعد هذا العرض المقتضب لآثار الاجراءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني من الناحيتين الاقتصادية و الاجتماعية ، و من هذه الآثار انخراط قطاعات متنوعة من الشعب في الانتفاضة ، و كما تقدم كان الفعل المقاوم شاملا ، و بما أن الضرر الاقتصادي كان أحد الأضرار البارزة فقد كان من الطبيعي ان تعالجه بيانات القيادة الموحدة للإن ت فاضة ... و قد كان هذا العلاج مبكرا :
-فمنذ البيان الثاني ( ١٠ / ١ / ١٩٨٨ ) دعت القيادة العمال الى مقاطعة العمل ايام #الإضراب...
- و كان وقف مصادرة الأراضي، و وقف دفع الضريبة الإضافية،من شعارات الإن ت فاضة الأساسية منذ اندلاعها .
- كما دعا البيان رقم ٨ لأول مرة إلى العودة إلى الأرض و الزراعة ، و تشجيع #الإقتصاد_المنزلي ، و الحدائق المنزلية و المزارع الحيوانية المنزلية .
- أما البيان رقم ٩ أكد على ضرورة عمل القطاعات الإنتاجية الفلسطينية بأقصى طاقتها ...
- فيما فصَّل البيان رقم ١٠ المنتجات الواجب مقاطعتها فورا ...
- و طالب البيان رقم ١١ بوقف العمل فورا في #المستوطنات ، و طالب القطاعات الإقتصادية الفلسطينية باستيعاب القوى العاملة التي ستترك عملها في المستوطنات ...
- و أكد البيان رقم ١٤ على ضرورة بناء #التعاونيات ، و ترشيد الاستهلاك.
- و نادى البيان رقم ٢١ الى تحريم ترويج المنتجات الصهي و نية و بدء عقاب مُرَوِّجيها لحماية #المنتج_الوطني ، و طالب بسحب الودائع ( التوفير ) من البنوك الإسرائيلية ....
- تبعه البيان رقم ٢٢ ليحرِّم قطعاً دفع الغرامات و الكفالات ، و الدعوة ل #مقاطعة منشآت العدو السياحية .
* ما أثر اجراءات الانتفاضة على المجتمع ، و الاقتصاد ، الفلسطيني :
أولا - #ترشيد_الاستهلاك ، فكما أشار الباحث سابقا ، فقد عمل العدو على تكريس النَّزعة الإستهلاكية ، و تعميقها ، و ذلك لمنع #الإدخار ، و لتبذير الأموال و امتصاصها و تحويلها إلى الإقتصاد الإسرائيلي . فجاءت الإن ت فاضة لتقلب تلك المعادلة و لو جزئيا ، و بشكل تدريجي ، لتنقله من نمط الإستهلاك إلى #نمط_الحماية . و ذلك عن طريق التحول إلى #نمط_الإنتاج .... و ظهر في عشية الإن ت فاضة تقلُّص في حجم الاستهلاك و الابتعاد عن شراء الكماليات و مظاهر الترف و مقاطعة سلع العدو ذات البديل الوطني أو الأجنبي .
ثانيا - تنمية الإقتصاد المحلي .... فقد دفعت التطورات الاقتصاد المحلي للسعي من أجل مسايرة و ملائمة نفسه مع متطلبات المستهلك الجديدة، فزاد الطلب على الإنتاج الوطني ، و تقلص انتاج الكماليات ... و ظهرت العديد من المبادرات من أجل تلبية الحاجات الإستهلاكية من خلال المشاريع التعاونية الأسرية أو الجماعية ... تمثلت هذه الظواهر وفق تسلسلها و اتساعها ( عن د.عادل سمارة ) :
- ظاهرة الاقتصاد المنزلي ( حدائق و مزارع منزلية ، صناعات بيتية ، حرف بسيطة ) .
- ظاهرة التعاونيات ( التعاون في استصلاح الأراضي ، التعاونيات الاستهلاكية، ... الخ ) .... كانت هذه التعاونيات ذات توجه انتاجي - تشغيلي ، و ليس خدماتي ربحي... و قد تكونت عشرات التعاونيات في الضفة و القطاع خلال الان ت فاضة ... و قد استهدف الا ح ت لال هذه التعاونيات فتعرض بعض اعضاءها للاعتقال ، و قام أحيانآ بإغلاق بعض هذه التعاونيات .
- ظاهرة العودة إلى الأرض ... تم استغلال ٩٠٠ ألف دونم من الأراضي المهملة في منطقة #طولكرم .
ثالثا - انخفضت المبالغ التي تجبيها سلطة الإحتلال كضرائب لعدة أسباب . ... و كان لتجار المدن ( لا سيما أصحاب المتاجر الصغيرة ) دورا حاسما في تعزيز الاضراب و قيادة التمرد على الضرائب و مقاطعة الإدارة المدنية .
رابعا - تقليص القوة العاملة الفلسطينية في دولة الاح تلال ؛ فقد بدأ كثيرون بالتكيُّف مع الواقع الجديد و ايجاد بدائل و لو جزئية في السوق المحلي ... و قد اتجهت معظم القدرة الانتاجية الى تلبية الحاجات المحلية غير الكمالية .... و قد أدى ذلك إلى تطور مدهش في #الانتاج_الصناعي .... و على الرغم أن العديد من الصناعات التي تعتمد على التصدير قد تراجعت ... فإن القطاع الصناعي قد شهد تحولاً بنيويا و نمواً كبيرين ... ( المؤشرات العامة تدل على أن النمو الصناعي قد فاق نسبة ٣٠ % ) .
خامسا - التقارب الصناعي و الاجتماعي على جانبي الخط الأخضر .
سادسا - التخريب المقصود للقطاعات الاقتصادية الإسرائيلية .
* أخيرا عدد الشهي*د باسل الأعرج عددا من نماذج الم ق اومة الشعبية في المجال الاقتصادي ، و كن أبرزها تجربة #بيت_ساحور التي خاضت تجربة مهمة شبه متكاملة في المواجهه النضالية الشعبية الاقتصادية ... و قد واجه الاحتلال هذه التجربة بقوة .. و حزم .
و مما يجدر ذكره ان التجارب الشعبية في هذا المجال كان لها آثارا اجتماعية مهمة ، و قد شاركت النساء في التعاونيات و العمل التطوعي بوعي و فعالية ..
* و قد استنتج الباسل من عرضه الذي أوجزناه بتصرف الى :
" أن تجربة مقاطعة البضائع الصهي و نية ، و الاعتماد على المنتج المحلي ، قد ساهمت في ترسيخ فكرة #التنمية_المحلية ... و تلمس الفلسطينيون إمكانية توفير الحد الأدنى من #الإكتفاء_الذاتي عن طريق ترشيد الاستهلاك ، و توفير الموارد المحلية و استثمارها في تطوير البُنى الإقتصادية، و منع الاقتصاد الصهيوني من امتصاصها و استغلالها لصالحه " .
" دفعت آثار الاستغلال الصهي و ني للإقتصاد المحلي ، و ما ترتب عليها من تفاقم الوضع المعيشي ، دفعت بقوة إلى نهوض حركة المق اومة الاقتصادية كجزء مكمِّل متكامل يؤثِّر ، و يتأثر ، بحركة المقا و مة الشاملة .... " .
" و لقد وحَّدَت حركة المق ا و مة ، بمختلف أشكالها ، جهودَ و مشاعرَ الفلسطينين و مصالحهم الاقتصادية ، في مواجهة القمع و الإخضاع الاقتصادي ، و في مواجهة العقوبات لاحقا ، و لتحقيق #الاستقلال_الاقتصادي كجزء لا يتجزأ من #الاستقلال_السياسي الكامل ..
بتصرف و اختصار من كتاب #وجدت_أجوبتي ، #باسل_الأعرج..