ع

مدمن على القراءة مهتم بالتاريخ و الفكر عاشق للروايه و السير مشغول بسؤال النهضة محب لتراثنا و مؤمن بضرورة الانفتاح على الافق الانساني الارحب

مدة القراءة: 3 دقائق

نحن أيضاً ظلمنا رسولَ الله

                       نحن أيضاً ظلمنا رسولَ الله 


أحياناً اتصورُ أنَّ الرسولَ عليه السلام ، لو نظَر الينا لما فَرِح بغَضْبَتِنا على ماكرون و فرنسا  ، بقدر ما سيغضبُ منا نحن المسلمين ؛ فنحن في واد ، و تعاليمُ أرحمِ الخلقِ محمداً في وادٍ مختلف تماماً .. 

إذا أردنا أن ننصرَ نبيَّنا محمداً ، عليه أفضل الصلاة والسلام ، فلنتبع تعاليم محمد ، محمدٌ صاحبُ القلبِ الكبير ، و الوجْهِ الباسِم ، محمد ، الذي لا يغضبُ لنفسِه أبداً ، لكنَّه يغضبُ حتى يحمرَّ وجهُهُ الشريف ، إذا انتُهِكت حدودُ الله ، محمد ، صاحبُ القلبِ الرَّقيق ، الذي يرفُض أن نكرَه العاصِي ، فيأمُرَنا أن نكره فعلَ المعصيةِ ذاتِها ، ليترك بابَ التوبةِ مُشَرَّعاً ، يدخلُه التائبون بدونِ حَرَج .. 

محمد ،  صاحبُ القلبِ الرَّحيم ، الذي عفا عن رؤس الكُفْرِ من قريش ، أهلُه ، اللذين عذبوه و شتموه و شوهوا صورتَه البَهِيَّة ، أهلُه ، اللذين قتلوا أصحابه،  و شرَّدوا و أبعدوا أتباعَه ، أهلُه ، اللذين حاصروه هو ، و عمه ، الشيخ الكبير النبيل ، و زوجه خديجه ،  أحب أزواجه الى قلبه ، و المؤمنين ، أهلُهُ هؤلاء ، حاصروهم ثلاث سنين ، حتى ذوًّبهم الجوع ، ثم قال لهم اذهبوا فأنتم الطُلَقاء ... 

محمد ، الذي أمر الجارَ أن يتفقدَ جارَه،  أن يُؤْخَذ من الغنيِّ و إن يُعْطى الفقير ، الذي نهى عن احتكار البضائع ، و نهى عن اكتناز الأموال ، و دعا الى توزيع  عادل لثروات المجتمع على الجميع ، فلا يتحكًم قلَّة من الأغنياء بمصير الأغلبية...

 محمدٌ الرحيمُ العادِل ، صاحبُ القلبِ الكبير ، و العقلِ المُسْتَنِير  ،  لو رآنا لأنكرنا ، لما عرف أننا مسلمون .. 

فنحنُ قساة غِلاظ القلوب ، متفرقون  ، مُتَسَلِّطون ، ظالمون ، أصحابُ عقولٍ محدودةٍ و تفكيرٍ سَطْحِي ... 

فالوزراء يتسلطون على الموظفين ، و الموظفون يتسلطون على المواطنين ، و الرجلُ يتسلَّطُ على زوجتِه،  و الزوجة على أولادِها ، و الحاكمُ يتسلطُّ على الجميع ... 

الإسلاميون يكفرون العلمانيين ، و العلمانيون يلعنون الإسلاميين ، السنة تلعن الشيعة و الشيعة تلعن السنة  ....

 ثم ندَّعي الغضبَ إذا شُتِم الرسول !!! نحن من ظلمنا الرسولَ حين انتسبنا الى أمتِه و حالُنا كما وصَفْنا ... إن كنا نزعمُ حبَّ الرسول ، فلنُحِبُّ بعضَنا ،  فلنرحمْ بعضَنا ، فلنوحِّد كلمتنا ، فليكُن هدفَنا الإصلاحُ لا العقوبة و الإنتقام ....

 نحن في حالة تَرَدِّي و انحطاط شاملة لكل مناحي الحياة،  حالُنا تُدمي القلب ، نحن نستسهِلُ الصراخَ و الشتيمةَ ادعاءً لغضبنا لرسول الله ، و عندما تعودُ الحياةُ الى ايقاعِها الاعتيادِي ، فإننا نعصي رسولَ الله في كل لحظة ... أو تدرونَ لماذا ؟ .

لإنَّ الصراخَ و الشتيمة أسهل ما يمكن أن يفعله الإنسان ، أما اتباع الرسول ، فأمرُ صعبُ شاقٌ لا يقوى عليه الا أصحاب العزائم الصلبة و النفوس الكبيرة ... 

إذاً ، من نحن؟  

نحن نتاج واقع قاهِر صعب ، واقع جعلنا - للأسف - أنانيين ، سطحيين ، ندَّعي علماً بكل شيء ، و نحن لا نتقن أي شيء ، كلا ، نحن نتقن الكلام ، الكلام الفارغ،  العنتريات  المزايدات ، نحن نتقِن الظلم و القسوة ، نتعرض يوميا لقهر الإحتلال ، و قهر الحكام،  و قهر  حفنة من الأغنياء ، و نسكت ، ثم نفرِّغ هذا القهر في أنفِسِنا .

نحن مشوهون حتى النخاع ، نحن بحاجة الى ثورة تغيير شاملة ، فبالتوازي مع محاربة الاحتلال ،علينا محاربة الأنذال اللذين رضوا أن يكونوا إدوات للغرب ، و علينا محاربة العادات البالية ، و الأفكار المُتَخَلِّفَة ، و السلوكيات الشاذة ... كل جزء في حياتنا بحاجة الى تغيير ... 


" إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم " .


و حسبنا الله ونعم الوكيل.


#خواطر_علاء_هلال

ع

علاء حسام هلال

مدمن على القراءة مهتم بالتاريخ و الفكر عاشق للروايه و السير مشغول بسؤال النهضة محب لتراثنا و مؤمن بضرورة الانفتاح على الافق الانساني الارحب

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات