حين تعترض طريق مزاجي أشياء صغيرة مزعجة بالنسبة له, كأن يكون الكرسي الثابت الذي أجلس عليه مائل بدرجة ما تجعل الكتابة غير مريحة! أو أن يلح عليّ شعوري بالعطش للنهوض من مكاني أكثر من مرة, أو أن أشعر بأن الجو بارد فأبدل ملابسي وبمجرد عودتي للكرسي يعود الجو حاراً! أن يكون الجو مزاجياً معي هو الآخر! أن يتذكرني الجوع فجأة وأضطر للوقوف كتمثال أمام البرّاد!. أن يتعثر مزاجي لأشياء كهذه لا لشيء سوى أنه لم يكن مستعداً للعمل في هذا الوقت أو في هذه المهمة! يجعلني هذا وأكثر من هذا أتخيل كيف سيكون الوضع لو كان للمزاج لسان فصيح يُكلم فيه عقلي بلغة أفهمها, فيخبرني مثلاً بأنه اليوم لن يمكنني من أداء شيء أو أنه مستعد للعمل على مهمة أخرى, أو أنه سيدعني أنجز غداً أو بعد الغد أو بعد سنة! لو كان فصيحاً صريحاً معي لما استنزفت محاولاتي في تعديله, لسلّمت له بأن اليوم له وغداً لي.. ربما قسمنا الأيام بيننا ورتبت المهام بحسب أهميتها ومواعيدها النهائية وبحسب نوباته, ربما أستشيره في جدولة أموري ولأنه واعي بذاته وفصيح سيكون صريحاً معي!
ستكون الحياة أسهل بمزاج يتكلم, أو بعقل فائق الذكاء يفهم لغة المزاج المبهمة, ثم بعدها لي أن أكون صارمة وقوية فأنجز مهامي رغم كل اعتراضاته ولي أن أكون لينة فأماشي تعثره.. لكني لن أكون كتائهة بين ذاتي اللوامة التي ترى بأني أماطل, بأني أسوّف وأن الطريق التي اخترتها ربما لم تكن مناسبة لمستوى جلدي وصبري وقدرتي على الاجتهاد و.. و.. , لن أكون تائهة بين هذا وبين مزاج مُتطلِّب, لا يُفهمني ماذا أفعل لأعمل لأنه لا يفهم ماذا يريد! ستكون الحياة سهلة وسأكون أنا أكثر إنجازاً ..
حسناً .. ربما لا يمكن للحياة أن تكون سهلة ولا يمكن للمزاج أن يتكلم أو أن أطالبه بالاعتدال أو أنتظر منه ذلك.. ربما المطلوب هو أن أتعلم كيف أدير مزاجي ونفسي ويومي بشكل ما أفضل مما أنا عليه, إدارة تمكنني من إكمال قائمة مهامي بحماس وروح ومثابرة. الأكيد أن الأيام القادمة والمواعيد النهائية لن ترحمني إن لم أرحم ذاتي, إن لم أجتهد قبلها, إن لم أفعل كل شيء وأي شيء كي لا يحين موعد نهائي ما وأنا لم أنجز في مهمته شيء جيد أو حتى شيء يذكر!