Image title

في نوفمبر 2014 أجريت لي عملية في عيني اليمنى، كنت بحاجة إلى زراعة قرنية، وقد كتب الله بمنه وفضله نجاحها فله الحمد ما تعاقب الليل والنهار.

خلال فترة تلت العملية - ليست بالقصيرة - بقيت أغطي عيني وأبتعد عن الضوء حتى الخفيف منه، ما أصابني بملل لا مثيل له، اضطررت معه لابتكار طريقة في كسره، وهي الاستماع طويلاً ومطوّلاً لشيء مفيد، والحمد لله فقد وقع الاختيار على شيء مفيد جداً هو حلقات برنامج "مفاهيم" الذي يستضيف الشيخ العلامة محمد ولد الددو، ويقدمه الإعلامي د. عادل با ناعمة، بطل هذه التدوينة.

انتهيت من مشاهدة/الاستماع إلى كل حلقات البرنامج بمواسمه الستة، وأعتقد أن حصيلتي الفقهية والعقدية قبلها قد نمت بشكل كبير، فشكراً "كبرى" للأخ عادل ولضيفه الشيخ الددو.

بحكم عملي معداً للبرامج طيلة أكثر من 12 سنة وعلى امتداد أكثر من 30 برنامج تلفزيوني، بتُّ أستطيع التمييز بين البرنامج الذي يستند إلى إعداد تلفزيوني "محترم" وبين برامج "سلق البيض"، وأشهد أن برنامج مفاهيم يستند إلى إعداد متين من مقدم البرنامج؛ واضح وجلي في كل حلقة، فلا تكاد تمر حلقة إلا وتشعر معها أن الموضوع أُشبع تماماً من كل جوانبه وأجاب عن جل - إن لم يكن  كل - الأسئلة التي قد تخطر ببالك؛ حتى إن من الموضوعات ما امتد لحلقتين وثلاث.

* * *

من برنامج د. با ناعمة "مفاهيم" تعرفت على الرجل، واكتشفت بالصدفة أن له برنامجاً آخر اسمه "قليل من الأدب"، ولا أعرف إن كانت له برامج أخرى سابقة أو لا حقة، بالإضافة لكونه خطيب جمعة.

والجانب الأدبي لبا ناعمة هو ما أود تناوله في هذه التدوينة؛ فقد نظم صاحبنا أرجوزةَ بديعة تناول فيها بفصاحة وظرافة قصة تطبيق "سنابشات" بما فيها من المميزات والعيوب.

ولم يفت با ناعمة الإشارة إلى محاولات الاستحواذ على التطبيق من قبل كل من غوغل وفيسبوك اللتين قوبلتا بالرفض من المؤسس الذي أصبح اليوم أصغر ملياردير في العالم بثروة قدرتها فوربس بـ 2.1 مليار دولار.

Image title

يقول با ناعمة في أرجوزته المسماة بـ "المحكمات في مسائل السنابشات":

الحمدلله على أفضاله

والشكر موصولٌ على إِفضالِهِ


ثم صلاةٌ من محبٍّ والِهِ

على النبي المصطفى وآلِهِ


وبعدُ فالعالم في تطوُرِ

يجيءُ كل ساعة بمبهرِ


يختصر الزمان والمكانا

ويربطُ البلدان والسكانا


ويجعل البعيد كالقريبِ

ويجمعُ الحبيب بالحبيبِ


ومِنْ لطيفِ الأمر ذا (السِّنَابُ)

مذهبُهُ ياصاحبي عُجابُ!


أسسه (إيفانُ)* ثم طوّرهْ

حتى غدا ذا سمعة معتبرهْ


فجاءه (الفيس بوكُ) يشتريهِ

وبعده (قوقل) تبتغيهِ


فرفض المجنون ملياراتهم!

وقال: هذا فوق دولاراتهم!**


فإن تكن ياصاح من أُلاّفِهِ

فاسمعْ -هُديتَ- البعض من أوصافه


يمينه (حكايةٌ) للكلِّ

يساره رسائلٌ للخِلِّ


ففي اليمين ما أريد نشْرُهُ

و في اليسار ما أريد ستْرهُ


والوسط المعدُّ للتصويرِ

مضمَّناً (فلاترَ) التغييرِ


واعلم بأنّ المدة المتاحهْ

عشرُ ثوان يا أخا الرجاحهْ


فإن ترد زيادة فأرسلِ

(سنابةً) أخرى بلا تمهّلِ


وتستطيع يا أخي الكتابهْ

فتضمن التوضيح والإصابة


وبعد مدة من (التسنيبِ)

يذهبُ ما وضعتَ ياحبيبي!


لأنّ قصد (سْنابنا) المشاهدةْ

لاالحفظُ فاضبطْ صاحِ هذي الفائدةْ


واحذر من التقاط أيِّ (سْنابةْ)

بصورة، فكلنا قد عابَهْ


واعلم بأنّ ربَّها تأتيهِ

إشارةٌ عن فعلكم تُنبيهِ


وفي (فصل في تعريب مصطلحات وألفاظه) يقول:


و(أَوْمَضَ) اجعلَنْ مكان ( سنَّبا)

تكن بذاكَ مُحسناً مُعَرِّبا


و(الومضةُ) البديلُ للـ ( السّنابَهْ)

رقيقةٌ فصيحةٌ جذّابَهْ


ولاتقلْ: ذا مذهبٌ لا يُعجِبُ

بالإِلْفِ يدنو النافِرُ المستغرَبُ


واذكر بأن (تْوِيْتَةَ) الأجانبِ

قد أصبحت ( تغريدةً) ياصاحبي


فافخرْ بما أوتيتَ من لسانِ

اختاره الرحمنُ للقرآنِ


وإنْ أكنْ ذكرتُ غير الأولى

فذاك للتوضيح ليس إلا


أما ما عدّهُ (فصلاً في عيوبه ومحاسنه) فيقول:


وعيبه حصونه المضعضعة!

والثغرة الأمنية الموسّعة


لايبلغ القاصد فيه مأمنه

لأنه معرّض للقرصنه


وكونُهُ يجرّئ الزَّوَّارا

فيطرح الحشمة والوقارا !


وكم سمعنا عنه من مصيبة!

وفَعَلاتٍ لم تكن مصيبة!


وليس يخلو قط من سماجه!

خرّاجةٍ في أرضِهِ ولّاجة!


لكنه لمن وعى وقدّرا

نافذة يبصرُ منها البشرا


ويبعث الرسائل المهذبة

ضاحكةً، لاذعة ، محببة


ويرسل الشوق إلى الأحبابِ

(حكايةً) تفوح بالإعجابِ


وربما ازدان بعلم نافعِ

فيه الهدى والنور للمتابعِ


أو بالقصيد الفذ من مبتدعِهْ

يفيض إحساسا على مستمعِهْ


أو صورةٍ بليغةٍ مختصرةْ

تنوبُ عن مقالةٍ محبّرةْ


وفي الختام اعلم بأنّ العبرةْ

بحال مستخدمه والخبرةْ


فإن تكن منتفعا فأقدمِ

وإن تكن مرتكسا فأحجمِ


ومامضى شيءٌ من الآدابِ

أهديتها مستخدمَ (السنابِ)


والحمدلله على ما يسرهْ

وهو المرجّى أن يثيب البررهْ

وعلى هامش الأرجوزة أوضح د. با ناعمة أن إيفان شبيغل أمريكي، من مواليد 1990، هو المؤسس المشارك لتطبيق سناب شات، والرئيس التنفيذي لشركة سناب شات. كان يدرس تصميم المنتجات في جامعة ستانفورد، واقترح (سناب شات) كمشروع تخرج، ثم ترك الجامعة قبل تخرجه بقليل وتفرغ لسناب شات.

وكانت شركة (فيسبوك) قد عرضت على (إيفان) 3 مليار دولار لشراء (سناب شات)، فرفض العرض، ثم رفض عرضا تالياً من (قوقل) بمبلغ 4 مليار دولار إيماناً منه بأن قيمة تطبيقه سترتفع في المستقبل!

-----

غداً يوم جديد وتدوينة جديدة بمشيئة الله تعالى،، 

مروان المريسي

________________________________________

هذه التدوينة هي السادسة عشرة في سلسلة 30 تدوينة × 30 يوم طيلة شهر نوفمبر، ضمن " #تحدي_الكتابة " لهذا العام 2015.

آخر 3 تدوينات:

- التدوينة الخامسة عشرة: مبدع سهر مطولاً لوقايتنا من الغفوة أثناء القيادة!

- التدوينة الرابعة عشرة: "حملته كرهاً" 

- التدوينة الثالثة عشرة: 50 ثانية من الـ "اكسترا إبداع"!