في إحدى السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية، كتب المدرس عددًا من الكلمات على يمين السبورة، تقابلها عبارات على يسارها ولكن.. بترتيب مختلف، فوضع على اليمين الأفعال:
رأيت
سمعت
قرأت
بينما وضع على اليسار العبارات:
قصة النملة
صوت الطائرة
القمر في السماء.
وطلب منا أن نختار من الأفعال على اليمين ما يناسب أن تبدأ بها الجمل التي على اليسار.
أحد الزملاء أخطأ و(صنع) الجملة "رأيتُ صوت الطائرة!" فوبخه المدرس بشدة، إذ أن صوت الطائرة وغيره من الأصوات لا تُرى؛ وإنما تُسمع! قال ساخراً: "اللي أعرفه ان الأصوات تُسمع.. عاد إذا صارت تُشاهد في زمانكم هذا شيء ثاني.. جيل عجيب".
* * *
أتمنى اليوم لو يعود بي الزمان إلى الوراء وأنتشل مدرسنا ذاك من زمانه ليرى كيف أن الأصوات صارت - في زماننا – تُشاهد فعلاً، كما في الفيديو أدناه وهو تجربة قام بها مبدعون فيزيائيون؛ حيث وضعوا ملحاً على صفيح معدني متصل بجهاز لقياس الاهتزاز، ولوحظ أنه بازدياد درجة الاهتزاز يزداد الملح في التشكل بطريقة أكثر تفصيلاً وجمالاً!
* * *
ولئن كنا قد آمنا أن "الاهتزازات" يمكن أن تُشكَّل وتُشاهَد؛ فإن الفنان الأسترالي Andy Thomas يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، ويبتكر أشكالاً تخيلية لـ "الأصوات"، ففي أحد أعماله قام بنشر فيديو على موقع Vimeo صمم فيه شكلاً تخيّلياً لصوت زقزقة العصافير كما يتوهمها، وللحصول على درجة عالية من نقاوة الصوتين؛ فقد استخدم صوتين من أصوات العصافير المخزّنة في أرشيف المعهد الهولندي للصوت والصورة.
..
إطلاق العنان للخيال بهذا الشكل يفتح آفاقاً لا حدود لها للإدراك، أي نعم.. هذا كلام فلسفي، لكنه يجعل المعرفة سلسة وفي المتناول، كما يجعل أقرب الافتراضات العلمية إلى الحقيقة أقرب إلينا.
* * *
زبدة القول:
لا تعنّفوا أطفالكم إن أخطأوا وشطحوا في تفكيرهم - كما حدث لمعلمنا مع صاحبي - أنتم لا تعرفون ما يخبئه المستقبل لكم ولهم، وربما صحت الأجسام بالعللِ؛ كما قال الأول!
-----
غداً يوم جديد وتدوينة جديدة بمشيئة الله تعالى ،،
مروان المريسي
للاستزادة:
http://www.pasco.com
http://www.beeldengeluid.nl