كيفكم يا جماعة؟
فن "المحاكاة" فن عجيب، ويصبح أعجب حين يتحول إلى بيزنز، يُعجب أحدهم بممثل أو مغنٍ ويعيد تنفيذ أغنيته بطريقته، فيكسب عدداً من المشاهدات على يوتيوب وربما يصبح نجماً جديداً، والأغرب من هذا الاستفادة من فن المحاكاة في كسب المال دون محاكاة ولا أي جهد يستحق التقدير، أحدهم مثلاً عندما هبّت على الدنيا موجة Harlem Shake أنشأ مدونة لا يقوم فيها إلا بتجميع المئات من أميز فيديوات المحاكاة التي تجاوز عددها مئات الآلاف (هناك 7 ملايين نتيجة بحث على يوتيوب!)، ولما تحوّلت مدونة صاحبنا إلى مرجع لمشاهدة تلك الفيديوات أصبحت تأتيه عائدات من إعلانات Google Ads لكثرة الزيارات على المدونة، والأمر لا يحتوي على أي مخالفة لأنظمة الربح من الإنترنت قد تخطر ببالك، فالرجل وإن كان لا يملك أياً من تلك الفيديوات إلا أنه كأي شخص على كوكبنا له الحق في مشاركة الفيديوات على مدونته، ويختلف عن "يوتيوب" نفسها في أنه لا ينشر كل الفيديوات بل "ما يروق له" منها، فهو إذن يبيع "حسن ذوقه"، برأيه!
منطق غريب؟ ربما.
* * *
فن المحاكاة عاد إلى الأضواء هذا الأسبوع بقوة عقب بث Adele أغنيتها الجديدة "Hello" التي قاربت على تخطي حاجز الـ "ربع مليار" مشاهدة في أسبوع!
ظهرت الكثير من الفيديوات التي يحاكي أصحابها هذه الأغنية، وبالفعل أتقن كثير منهم محاكاتها حتى أن من الفيديوات ما تخطى حاجز الـ 4 ملايين مشاهدة، لكن.. جميع تلك الفيديوات اتسمت بسمة مشتركة، وهي أن جانب الإبداع فيها انحصر في تقليد الصوت والأداء، فبقيت – رغم التفاوت بينها – دون مستوى الإدهاش!
* * *
فيديو واحد فقط استحق برأيي شهادة الـ "واو!"، فقد غادرت مؤديته الصندوق الذي بقي الآخرون فيه، وقدّمت فيه "قيمة مضافة"، فهذه المؤدية هي في الأصل مترجمة لغة إشارة، وتستخدم المحاكاة لأغراض تعليمية ولإيصال المعاني المؤثرة إلى فئة الصم!
الأمر أشبه بوصف محرر BuzzFeed : "شاعرية مضاعفة"!
يقال أن الإبداع هو:
إما أن تأتي بما لم يأتِ به الأوائل، أو.. أن تأتي بما أتوا به؛ ولكن.. في قالب مختلف.
فإلى أي التعريفين ينتمي إبداعك المنتظر؟
غداً يوم جديد وتدوينة جديدة بمشيئة الله.
مروان المريسي
__________________________________
هذه التدوينة هي الرابعة في سلسلة 30 تدوينة × 30 يوم طيلة شهر نوفمبر، ضمن " #تحدي_الكتابة " لهذا العام 2015.
- التدوينة الأولى: كيف شكل صوت الطائرة؟