هيبة الموت !
هيهاتَ قد عَلِقتكَ أشْراكُ الرَدَى = واغتالَ عُمركَ قاطِعُ الأعمارِ
بِكْرُ الفهد ، وسليلُ العزيزَيْن ( 1 )
ذاكَ الذي آتاه الله من كلِّ زينةٍ مجلس ، ومن كُلِ لذيذٍ طَعم ، وعلى كل عُلوٍ عرش .
بهاءٌ في الطلوع ، وجمالٌ في الشكل ، وعراقةٌ في النسب ، وهيبة في المحفل ، وذوق في الحديث - تكادُ نغمةُ صوته تَسلبُ الألباب !
أميرُ الشباب ( 2 ) مرتين ؛ مرةً لحُسنه ، وأخرى لمنصبه !
فكما أنّ " الربيع " وجهه الخُضرة ؛ فإنّ " الشباب " وجهُهُ فيصل !
وباختصارٍ لهاته الخصال ؛ أوتيَ " فيصل " من كل شيءٍ سببا ؛ ثم قَطعَ كلَ هذا سببُ !!
نعم ؛ إنّه الموت الذي لا يعرف جليلاً أو حقيرا ، ولا يحفل بمكانة أو وسامة ، ولا ينحبس لأجل مضيٍ أو وقوف !
هكذا .. هكذا وبكل بساطة يُعلن الديوان الملكي : موت " فيصل بن فهد " عن عُمرٍ يُناهز الرابعة والخمسينَ عاماً ، دون مرض أو هرم !
لأدخل أنا بعد هذا الخبر في حديث طويل مع النفس عن حقيقة الموت ، ووهم الحياة !
ما أخذتْ ميتةُ رجل من مشاهير زماننا مثل ميتة " فيصل " من نفسي ؛ فلقد كانَ ملء السمع والبصر طيلة حياته ... وقبل وفاته بأسبوع واحد : تجمهرَ الحُسنُ كلُهُ حولَه ، وانطلقَ المغناطيس ؛ إذْ كان يُلقي كلمة الاتحاد العربي لكرة القدم في افتتاح بطولتها في " عمّان " بحضور ملك الأردن " عبدالله الثاني " !
فألقى حينها كلمةً رائعة البيان ، إسلاميّة المفردات ؛ بأسلوب أخاذٍ وجميل ، كان فيه " فيصل " متوهجاً كالضوء ، ومتلألئاً كالقمر ، وسامقاً كالعملاق ؛ يَثمَلُ الحرفُ منه قبل المُستمع ؛ مما اختطفَ له انتباه الجميع ؛ حتى أني كنتُ أذكر ملك الأردن في الاستاد الرياضي ، قد شُدِهَ بصرُه ، وتيبست ملامحه ، واستطالت عنُقُه صوبَ " الأمير " الذي كان يتجلّى آنئذٍ : أدباً وصوتاً وصورة في إلقائه كلمته !
كيف يموت من كانت تلك وقفته !
وكيف يذوب من كانت تلك صفته !
وكيف يغيب من كانت تلك شمسُه !!
هكذا يزول كل شيء في لحظة !
نعم ؛ إنّه الموت قاطعُ كل عُمر ، ومُفرق كل جميع !
ومن حينها ؛ وأنا لا أرى أقرب للإنسان من الموت : إلا الله !
رحم الله فيصل بن فهد ، وغفر له ولأبيه ولجميع المسلمين .
آيدن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - أجداد فيصل من أبويه يحملان اسم " عبدالعزيز " ؛ فجده لأبيه هو الملك المؤسس " عبدالعزيز بن عبدالرحمن " ، وجده لأمه هو الأمير الضرغام : عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي .
2- داعب العلاّمة " حمد الجاسر " الأمير فيصل بن فهد يوم أن قامَ بتكريمه بقوله : كانوا يقولون عنك أميرَ الشباب ، وأنتَ من اليوم : أمير الشباب والشيّـاب .