ومِنك أرجوا ودادا وقربا، 

وكم سألتك عفوا ومحبة وجنة، 

كيف للروح أن تعبد من خلقها، 

وقد فاضت به نعم وافرة، 

والجسد يشهد عظمة خالقه، 

وكيف لعافية الجسد أن تشكر خالقها، 

يا من جاد علينا بالإحسان والكرم، 

إليك نعود أبد الدهر تعبدا وشكرا، 

تتلذذ الروح في المحراب قربا وفيضا، 

والجسد بين يديك خاضعا متذللا، 

قد صغرت الدنيا بعينه فتضائلت، 

وزهد بكل شيء حين تعاظمت بقلبه، 

قد أدبرت الروح والجسد عن الدنيا وما فيها، 

وعليك وعلى الأخرة قد أقبلت، 

كم لذة في الدنيا من الماضي تذوقناه، 

ذهبت وذبلت وفي طي النسيان طويناها، 

يبقى نعيم الأخرة أعظم وأبقى، 

في جنة الخلد للفائزين بها، 

يارب، 

يا من كنت للروح دواء، 

يا مجيب العبد إذا ناداك، 

ويا مغيث العبد إذا إستغاثه، 

يا رحيما يا ودودا يا عطوفا، 

يا من مع العبد إذا كان معه، 

يا من يفرح بتوبة التائب، 

ويحسن للمحسن أضعاف إحسانه، 

ويجازي المؤمنين لإيمانهم، 

يا قيوم يصلح أحوالنا، 

قد أخجلت الروح من حسنك وكرمك وكمالك، 

ومن نعمك التي لا نحصيها، 

والروح بين يديك وجلة ومحبة، 

والجسد بين يديك قائما وراكعا وساجد، 

ترجو مغفرتك وقبولك ورضاك وشكرك، 

تخشى تقصيرها وذنوبا أقترفتها، 

وبعدا أذهب عنها الإنشراح، 

قد أحسنت فينا منذ خلقتنا، 

فتبارك الله أحسن الخالقين، 

وحفظتنا وسقيتنا وأطعمتنا، 

وشفيتنا وهديتنا، 

وقد أحسنت فينا بالدين المستقيم، 

بالعدل أقيم وبالرحمة واليسر تزين، 

دينا يحملنا لمكارم الأخلاق، 

يحملنا للرحمة والعدل والهدي، 

وللنور التام والحياة الطيبة، 

والروح من جهلها قد ظلت، 

وسلكت كل الطرق إلا طريق الحق، 

تظن بقصر نضرها أنه طريق الصواب، 

وما علمت كم نور وإستقامة وهدي، 

وإنشراح قد حضي به من إتبع الطريق الصحيح،

هنا السعادة والرضا قد حلت، 

بقرب الله، 

بإقامة حدوده والوقوف عند محارمه، 

أن يكون هو الأول فليس قبله شيء، 

والأخر فليس بعده شيء، 

أن تعبد الله على علم، 

أن تتفقه بالدين أن تتفقه بالصلاة وأحكامها، 

أن تتعرف على الله بأسمائه وصفاته، 

أن يخشع قلبك له وتبتهج الروح بقربه، 

أن تخضع لأحكامه وحدوده فلا تسخط، 

أن ترضى بقدره خيره وشره، 

أن تحب ما أتاك وترضى عن ما منعك، 

وتقنع برزقك وقسمك الذي أقتسمه لك، 

أن تحبه بصدق وتتقرب إليه بصدق، 

أن تحقق معاني العبودية لله وحده، 

مخلصا النية له راجيا ما عنده من ثواب.