وحيدا معها

رجعتُ متأخرا وحيدا ..جلستُ على مقعدي المفضل أرخيتُ جسدي عليه . وملتُ برأسي للوراء قليلا أرغب بالنوم . روايتي تنتظر مني إكمالها. شخوصها وأحداثها تناديني . الوقت يداهمني وعلي تسليمها غدا، لا شيء يدل على وجود أنثى ، بقايا طعامي لاتزال على الصحن، وثيابي متسخة . مترهل القوام بعض الشيء لا أكل ولا أنام جيدا. تركت بيتي ومدينتي وأتيت هنا ألجأ بنفسي بعيدا عن صداع الحرب، ومهام عملي تلح علي البقاء هنا. لا أذكر متى أتصلت بها، وهي لم تعد تفعل ذلك، فقط هم الأولاد من يشعروني أنني مازلت متزوجا. وما زالت في حياتي إمرأة .

تجازوت الساعة الثانية عشر فجرا،  وأنا أحاول القيام بشيء ما لكنني لا أعرف . أنام أم أكمل روايتي أم أشاهد التلفاز،  فغفوت وكأنني سقيت خمرا . استيقظت فجأة . أسأل نفسي : أ تمطر في فصل الصيف؟ أو ما الذي يدق؟  جرس الباب أم الهاتف ؟ لبرهة حاولت استيعاب ما يحصل . حتى تأكد لي أنهما الاثنان معا يرنان . الباب والهاتف . نظرت إلى الهاتف سريعا، وكان اسمها!  أهملت الرد عليها لأنظر من في الباب ، فتحته وجدتها هي .

تراجعتُ وتركتها واقفة على الباب . من المفاجأة أو قد يكون سوء أدب مني أو أن التعب جعلني خائر القوى . خامل الشعور لأسألها: ما الذي تفعليه في بيتي؟ وفي هذه الساعة ؟

 دخلتْ مع حفيف خطواتها الرتيبة. تكلمتْ أخيرا : عذراً سأعود . لا يليق بي أن أكون هنا.

خرجتْ من البيت مسرعة . لم استوعب ماذا يحصل؟ حتى بدأت بالتصديق أنها كانت هنا. خرجتْ تاركة الباب مفتوحا . أتصلت بها، أجابتني وكأن اليأس يلبسها . بصوت هادئ قلت لها : عودي

لم تجب علي .. فقط وجدتها  مرة اخرى في بيتي . وقفتُ وأخذتُ بيدها. جلستْ على كرسيّ . احسست أنها ارتجفت قليلا. وكأن  بقايا حرارتي عليه لسعتها، اشاحت بنظرها بعيدا.  اقتربت منها لأجلس بجوارها قائلا بصوت هادئ أحاول ألا أبدي انزعاجي: ماذا بكِ ؟

بدأت وكأنها تريد البكاء أو أنها تحاول أن تبكي لتستجدي عاطفتي. لا أعلم . كل الذي أعرفه أنها شيطان صغير بصورة امرأة وديعة . أو ملاك بصورة أمرأة مثيرة أعشقها ومتيم بها . اشتهي صوتها وعبقها وشعرها وخطواتها وضحكتها وعذوبة كلامها وانفاسها التي تذهب بعقلي بروحي وتثير كل شعرة بي، هنا أدركت لماذا كنت أشعر بالسكر قبلا . هي السبب؛ طيلة الوقت كانت لاصقة بي في الندوة دون حرج من أحد . وكنت أشعر بالزهو لوجودها بجواري . فاتنة وذكية ومشهورة . الكل يحوم حولها . كلامها وأدبها واناقتها يسحرون الجميع،  فكيف وأنا المتيم بها بصمت أكثر مما أبوح لها به . أنها الآن في بيتي . لأول مرة تقتحم عريني، ماذا اسميه منها . جرأة . عشق لا يحمد عقباه . تهور .

انتظرت اجابتها لكنها صمتت . مالت بجسدها علي فاحتويتها طواعية ولامست شفتاي وجنتيها . وكدت اقبل ثغرها حتى تراجعتُ . كانت تنظر لي بشيء من الخبث والبراءة معا. أردت تفجير رغبتي وأطلق طوفاني وألفها بأعصاري . دون تفكير بالعواقب . لكنني ابتعدت قليلا . فابتعدت هي أكثر . واخيرا تحدثت .

 

  • نسيت مفتاح بيتي .
  • خاطبت نفسي هل هو عذر اختلقته أو سبب لتأتي؟!

  •   خفت أزعج الجيران وأن اقلق صديقاتي وأن يستاء مني اقاربي . أنني عدت وحيدة في ساعة متأخرة . فلم يعد لي مكان إلا بيتك . هل ضايقتك؟

  • نظرت إليها بشيء من الذهول وأسأل نفسي : هل أصدقها أم أكذبها . المسالة الآن ليست هنا . أنها في بيتي ورغبتي إليها ملحة . وأنا وحيد متوحش . ماذا علي فعله، أمزقها وألتهما كأسد بري، أم أكون لها حمامة سلاما؟
  • ادخلي غرفتي. ونامي .
  • لم تقل شيئا فقط تحركت اتجاه الغرفة. ألقت بحذائها بعيدا وبوشاحها ومعطفها ونامت . أو بدا لي أنها نامتْ . انفاسها تصلني، أو أن سمعي أصبح مرهفا، أو أنه يتهيأ لي . لم أشعر بنفسي إلا أنني ألقي ملابسي جانبا . وارتدي بجامتي، وأستلقي بجانبها . تحركت باتجاهي، وكأنها تنتظر مني ذلك . حضنتها بقوة . تارة أنام على صدرها وتارة هي تنام على صدري . حتى قمت لم أعد أتحمل. خرجت لأدخن سيجارتي، حتى اذن الفجر . اغتسلت وصليت وشربت قهوة ، ولبست ثيابي وخرجت، لم فرغ من عملي إلا عصرا، لم أكلها ولم تكلمني، لكنني تلقائيا عرجت إلى بيتها . فتحت لي ، ورأيتها أنها بخير .  دون سؤال دون استفسار. أكانت كاذبة أو صادقة؟ فقط ذهبت بعيدا .بعيدا عنها قدر ما استطعت .


شذا الخطيب