- بسم الله الرحمن الرحيم
اصرخ يا صاحبي ؛ اصرخ ليكون صوتك مسموعا ؛ فالضجيج عال ،
اطبع على الأرض اولى خطواتك ؛ (فمشوار الالف ميل يبدأ بخطوة واحدة )،
اكتب على لوح الحياة اولى كلماتك ؛ فالنصوص - يا صاحبي - مكونة من كلمات ،
اصرخ و لو بح صوتك ، اطبع خطواتك و لو على سطح الماء ، اكتب ، اكتب - يا صاحبي - حتى لو كتبت على الهواء ، حتى لو كتبت للهواء .
لا ، لا تقنع بالعيش في الظلام ، اخرج الى النور ، دع الشمس تغمرك ، دعها تمنحك الدفء ، سر تحت المطر ، دع الغيث يغسل جلدك ، دعه يروي ظمأك ، دعه يهديء من روعك .
لا ، لا تردد يا صاحبي ما يقولون ان لم يقنعك ، لا تلبس كما يلبسون ان لم يعجبك ذوقهم ، (لا تكن إمعة) يا صاح ، اعزف لحنك الخاص ، غني اغنيتك ، اروي قصتك ، اعزف ، غني ، اروي و لو أغلق الجميع آذانهم .
سيرتابون فيك فلا تقلق ، سيسخرون منك فلا تنزعج ، سيشتمونك فلا ترد ، لا تلتفت للغو يا صاح و مر به مرور الكرام ، لا تفزع ياصاحبي ، فهذا قدر المصلحين ، هذه حياة المبدعين ، هذا ديدن المختلفين ، الم تقرأ قصص الانبياء ؟ الم يأتك نبأ العلماء ؟ ألم تسمع عن عذابات المبدعين و معاناة المختلفين ؟.
هل علمت يا صاحبي لماذا هم قلة هؤلاء المختلفون ؟ ان ولادة المبدعين صعبة يا صاح ، فكل المجتمعات تعيد انتاج نفسها ، كلها تستنسخ فكرها ، هكذا قال المفكرون يا صاح ، و اذا ولد المختلف ، فحياته ستكون شاقة ، فالمجتمع له بالمرصاد ، و اذا صمد فأفكاره ستنتظر - ربما اعواما و ربماقرونا - لتطبق فسنة الله تقتضي ان تكون الأرض مهيئة للفكر الجديد ، لكن لا بأس ، لا بأس يا صاح فالتاريخ لم يحفظ لنا الا اسماء هؤلاء ، هؤلاء المصلحون المبدعون المختلفون ، أما أعداؤهم يا صاح فقد ابتلعت الأرض ذكرهم عندما ابتلعت أجسادهم ، فلا تيأس يا صاح ، لا تيأس فشق هنا و شق هناك في الجدران التي ترتفع حولنا و تخنقنا ستهدمها ، هكذا يقول المفكرون يا صاحبي فلا تيأس .
لا تيأس يا صاح ، فان الارض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين . صدق الله العظيم، صدق سبحانه ، الذي علمنا في كتابه العزيز ، ان الفرد غير محكوم بحتميات اجتماعية و لا فكرية و لا اقتصادية ، الذي علمنا ان الانسان كائن عاقل مميز حر الارادة ، و ان كل ما عليه أن يرسل عينيه فيتدبر في آيات الله في السماء و الارض ، ان كل ما عليه أن يتأمل في قصص الغابرين و يستنتج منها سنن الله في خلقه ، ثم على الفرد ان يجاهر برأيه و لو كان مختلفا .
فاصرخ يا صاحبي و لا تيأس ، لا تيأس يا صاح .
.........................
ملاحظة : هذه الخاطرة كتبت من وحي نقاش أغنتني ما طرحت خلاله من أفكار ، افكار أبدعها- أو نقلها لي- كعادته الدكتور محمود السعدي ، المحاضر في جامعة النجاح الوطنية، كما ان فكرة حرية الفرد و قدرته على التمييز -و بالتالي مسؤوليته عن افكاره و مواقفه - هذه الفكرة ادين بها للمبدع الدكتور عدنان ابراهيم ، فلهما الشكر كله.