العادة و التكرار ...

يا كريم يا الله ، حا ( أمر الحمارَ باالسَّــيــر ) فسار الحمار ، و صاحبه خلفه يجـلـس فوقَ صناديقِ الخضار .

القى السلام على جاره الذي كان – كعادته – يغسلُ سيارتَه .

و سار الحمار ، و صاحبه خلفه .

صاحبُ (الدُّكانِ) القريـبة ، كان – كعادته - يرشُ الماءَ على الأرض ، و كعادتِه ، ردَّ على صاحبنا السلام ، و أضاف – كعادته – قائلا : صباحْ الخِـيـر، مـيـسَّـره ان شاء الله .

و سارَ الحمارُ ، و صاحبه خلفَه .

مـرَّ الموكِب – المُكَوَّن من الحمارِ و صاحبِه و صناديقِ الخُـضـار - من أمامِ عيادةِ الحَـي ،  و شاهـدَ صاحـبُـنـا الطـبـيـبَ العجوز يحاول – كعادتِه – ركنَ سيارتِه القديمةِ تحتَ الشجرة العتيقة تماماً ، لحمايتِها من الشـمـس الحارة .

و سار الحمارُ ، و صاحبه خلفه  .

(باصُ) الروضةِ الأصفر الطويل كانت تـُـفْــتَــح أبوابُه ، نَزَلَت المعلمةُ ، أمْـسَـكَت بيدِ الطفلِ الصغيرِ الذي كان جالساً على عتبة الباب منـتـظراً كعادته .

صاحبُنا فَـكَّـر – على خلاف عادته -  و قـال فـي نـفـسـه : نـفـس القِـصـة بِعـِيـدُوها:

 (حسن) بـيـغْـسِـل سيارتُه كـل يوم الساعه سَـبْـعَه و رُبِع الصُبِح ، (ابو محمود الدُّكَـنْـجِـي) برُش المي باب الدُكان الساعه  سَـبْـعَه و ثـِلِـث الصُـبح ، بَرْظـو كل يوم ، الدكتور بِـقَــظِّـيها يـقَـدِّم و يـرَجِّـع في هالسياره الـعـتـيكه خَـمِـس دكايك تا يعرِف يصُّـفْـها تِحْت الشجرة ، أي بِـيـزْهـَـكوش ، و لا ها الولد الـمـسـكـين - زي العسكري - لازم يطلع عالباب و يقعد عالـعـتَـبِه تا يــشــرِّف الباص .

خمس سنين و نفس القصة ، لا بِـغَـيرو و لا بِـبَـدلو ، و الله حـفـظـتـها . حـفـظتـها؟ .

انـتـبه صاحِبـُـنا للمرةِ الأولى ، أنَّ معنى ذلك أنه هو أيضا يكررُ نفسَ الـقـصـة يومياً ، و منذ خـمـس سـنـوات ، اسـتـغـرق – على غير عادته – في الـتـفـكـيـر ،  فـلم يـشـعـر بـدفةِ قيادةِ الحِمار – الحبل - عندما سقط من يده .

و سارَ الحمارُ ، و  صاحبنا خلفَه سار ! .

و عند الساعة الثامنة  و صلوا الى سوق الخضار ،

و – كالعادة – رحَّـبَ به التجارُ لكنَّ صاحبنا - على خلافِ عادته - لم يرد ، لأنه لم يسمعهم ، كان يتأمل في الحقيقة الجديدة ؛ حـقـيـقـة (التكرار) ، نزَّلوا الصناديق و قالوا لصاحبنا : يعطيك الصحه ، لم يرد ، لأنه لم يسمعهم ، لكن الحمار سمع ما قالوه له ، و سـار .

يا الله ، خمس سنين و نَـفْــس الـمـشـوار ...

و سار الحمار ، و صاحبُنا خلفه سار !.

الله يعطيك العافيه ، لم يرد – على عكس عادته – على زوجته التي صاحت به :

و لك مالك يا زلمي ، انـطـرشِـت ، وين سـارِح ، نيَّالـو - و لا نيالها - اللي ماخذي عـقـلك .

انـتـبه صاحبُنا ، تفاجأ أنه – او انهما ، أي هو و الحمار - أمامَ بابِ الدَّار ، و أن الصـنـاديـق – حتى التي كانت تحته - غير موجوده  ، خـاف صاحـبـنا، ظن أنها سُـرِقَـت ، و نـهـقَ الحـمـار ، نظر صاحبنا اليه مستغربا ، فهذا ليس وقت نهيق الحمار ، انه يعرف حماره جيدا ! ، نزل لـيـتـفـقـده ، انتبه الى كـيـسٍ معلّقٍ على رقبته – على رقبةِ صاحبِ الحمار – فـتحه و وجد نقودا ،انها ثمن صناديق الخضار .

الحمد لله ، و الله كلبي سـقـط . قال ، ثم فكر ، ثم اهتدى لفكرة عبقرية ، قال :

ليش لأ ، من بُكْرَه ان شاء الله رح اودي الحمار عالسـوق لحالو ، وسـدَك اللي كال  (الـتـكـرار بـيـعـلم الحمار) ! .

لكن ، يا ترى ، ماذا عن صاحب الحمار ؟! .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملاحظة : نشرت هذه القصة اولا كملاحظة على صفحتي في الفيس بوك.