"
أمتلك الفصاحة منذ أن كان عمري ثلاث سنوات ..
أمتلك اللغة والأبجدية والكثير من الفرص للحديث ..
ولكنّي أُفضل الصمت الآن على الأقل ،
لأنك لست الشخص الذي أحببته ..
لذا لا أشعر برغبةٍ للحديث معك
أود الكتابة فقط .
أكتب كلمة فتنهال علي الجُمل ، تصرخ بوجهي الجراح ،
يتلّبسُني حزن البارحة ، ويطاردني سؤال الليلة اللعين :
ماذا فعلت لأستحق كل هذا ؟
أشعر بحاجتي لكتابة جوابِ هذا السؤال ولكن الكلام يمتنع عن إفصاح مافي جُعبته لي ، ربما كان الكلام أحنّ إلي من نفسي أم أن الصمت يخاف علي أكثر مما يفعل الكلام ؟
أخاف الكلام معك ، أخاف الإسهاب ، أخاف من أن تجرحك كلمة فينهشُ ندمها روحي لإيماني بأن الكلمات قاطبة ماكانت إلا سهام نُطلقها في حربٍ علنية لانهاية لها ،
وأن الكلمات بنقائضها ماهي إلا / لكمات في وجه قلوبنا الصغيرة ..
هل تذكر الرضّة التي اخذت مني جهداً لأشرحها لدكتور الأمراض القلبية ؟
تبيّن لي أخيراً أنها كلمة اصابت قلب واستوطنت فيه لتُذكره دائماً بموضع ضعفه وألمه ..
لذا لا استطيع الحديث معك وفي قلبي رضّة ..
اه ياحبي الضائع في حشد الكلام ،
ويافرصتي التي تمرّني ولا تسرقني ،
والكلمة الأخيرة من عدةِ جملٍ ناقصة ،
أو كما قال البدر " ياحبي المُرّ العذب "
تغيّرت الحياة ، وتغيرت أنت معها لذا حاولت الهرب منك ، لأنك تُعيق صمتي ،
تطلب مني الكثير بالرغم من شرودي وحزني ،
تركتك في محاولةٍ منّي لأن اعيش حياةً كاملة ؛
حياة تخصني وحدي ..
تركتك في محاولة للتمّلص من أي كائنٍ قد يستجوب صمتي المُعتم و يستفسر عن معانٍ لصمتي الطائش ، تركتك لكيلا تلمس جرحي عن قُرب محاولاً مساعدتي على نسيانه ؛ لأن لا أحد ياحبيبي ينسى جرحه الأول ، لا أحد ينسى صوت عقارب الساعة من بين صمت الأنتظار ،
لا أحد ينسى حزنه العميق الذي خسر معه الكلام والأبجدية..
تركتك لأني مارست الصمت بالرغم من سنواتي الطويلة التي قضيتها لأتعلم الكلام !
تماماً كما قال حمزاتوف :
" ستون عاماً لنتعلم الكلام ،
ثم ننفق الباقي لنتعلم الصمت "
لهذا كلما تكالبت علي الجراح ، ألوذُ إلى صمتي ، وأدفن الكلام كسلاحٍ حاد إن اشهرتهُ في وجه جراحي
بدا رخيصاً كرصاصٍ مفرّغ ...
هذا والصمت أبلغ .
-أثير آل واكد