بدَأنا الأسبوع الماضي بمهمة جديدة و كالعادة صَاحبَ توزيع المهمات علينا تعليمات السرعة و الأداء الجيد و خلّو الأخطاء و التنسيق و الخ ...

 لقد سَمعنا جُمل أَوحت لنا حرفيّـاً بأن هذا العمل يجب أن يكون قد انتهى و تمّ تسليمه حتى قبل إعلامنا به ! - لازم يخلص امبارح - و قَد يكون هذا أَصعب ما نمّر به الآن .. 

لا أعلم لماذا لدى المُدراء بمختلف مستوياتهم هذا التفكير الذي يوحي بأننا سنخترق الطبيعة و ننجز أعمال شهور في ثوانٍ معدودة .. 

في الحقيقة .. ليس هذا المشروع صعباً تقنياً .. فما يمكنك تخيلّه و تصّور حدوثه حقيقةً و التعبير عنه برسم أو كلام يمكنه أن يَتحول على أرض الواقع .. 

و هذه كانت الخطوة الأولى التي بذلت فيها يوم السبت الماضي كاملاً بما يُقدر بـ10 ساعات لمحاولة فَهم و تبسيط الامور و تفسيرها للجميع .. 

تَرددّت قبل أن اصطحب لاب توب العمل ذاك إلى المنزل ، لأنني أٌُدرك أن مُجرد حَمله يعني أن لا أنام و أن أَبقى بِتلك الوتيرة التي تَشعر بأنها يجب أن لا تَكون سبباً في تأخر الفريق مهما كان ..  و لَكن ما من مفرّ ( خلّـي ضَميرك صاحي ) و اشتغلي .. 

بالطبع لنْ يُرضيكِ أن يَسبقكِ أحد و تكوني المتأخرة في الفهم و التنفيذ ، أو عبئاً يؤخر الباقين و أنتِ الآن تحملين مسؤولية إطلاق هذه المهمة .

بدأت العمل و انا أٌقنع نفسي بأنّـه لا بأس و بأن لديكِ أيام سبت أخرى سَتُمضينَ فيها وقتَك بما تُحبين .. و ما مِن بأس لو تأجلت كل مُخططاتك و أفكارك .. 

سَحبني العمل .. و صدقاً لم أُكن مُنزعجة منه بحد ذاته لأنَّني حِينَ أبدأ بِعَمل ما تُحركنّي تِلك الشرارة للاندفاع و الانجاز و انطَلق.. 

بدأتُ أشعر بالتعب نِهايةَ اليوم و أنا أتوقُ لأشعرَ بإنجازي و مَدى تأثيره و في الوقت ذاته بدأتْ أتذكرّ كل أشيائي التي مَضى اليوم دونَ أن أفعلها .. و الموعد الذي افترضه مع صديقتي للحديث و قدْ ضاع بينَ ازدحام الوقت و طول المهمة ، انتابني ذلك اليوم شعور بالعجز و الضعف و أنني سمحتُ للعمل بالسيطرة عليّ خارج أوقات الدوام .. !! 

خَففّ تِلكَ الصدمة شعورٌ بأني أنجزت ما يُساعد الجميع و يُساهم في سُرعة العمل،مَضى الاسبوع سَريعاً مُزدحماً لا ثواني فيهِ لالتقاط الانفاس .

اضطررتُ خلاله مرّة للعودة إلى البيت في موعد انتهاء الدوام - لأننا كَفريق بطبيعة الحال لا نُغادر العمل بأقل من نصف ساعة إضافية في المعدّل - و حينها استيقظ ضميري مرّة أخرى .. و لم أفكّر أو أتردد لِلحظة بأن أُلملم كل الأوراق المبعثرة و أفكاري العديدة لأُكمل ما بدأت به في البيت من جديد .. و أنتهي يومها الساعة الـ9 مساءً من مهمات ذلك اليوم .. 

في الحقيقة لَست وَحدي من يَتأخر .. بل لربما أكون أقل من يتأخر في فريقنا .. حِينَ يُمضي البعض 12 ساعة عمل تامّـة من 8:30 صباحاً حتى الـ 8:30 مساءً من أجل تحقيق مُعادلة المدُراء الفضائية ! 

ضميري الصاحي لم يُقصِّر أبداً حينَ أيقظني و ليومين مُتتاليين في السادسة و النصفِ صباحاً لأدون أفكار و حلول و اقتراحات لا أَعلم كيفَ سَرقت النومَ منيّ .. 

الأمر أنَّ العمل أصبحَ يستحوذ على تفكيري أكثر مما ينبغي، انا فِعلاً أنسى أن أتحرك و آكل و أتحدث مع صديقاتي جرّاء ما يأخذه مني ، و لطالما ضاعت كل الفُرص من أجل مِشوار مع البنات و لحظات أخرى مميزة ؛ حتّى أنني أخجل أن أُخبر صديقة بموعد لكي لا أُخلفه لاحقاً و أخشى أكثر أن أصبح مثل صاحب هذا المقال : 
عن عملي الذي دمرّ حياتي 

أحاول الآن جَاهِدةً أن أقنِعَ ضميري بأنه و بكامل قُواي و بجرأة كافية يمكنني أن أقول " لأ " لأي ساعات عمل تَسرق مني لحظات حياتي و أحلامي و آمالي و عائلتي و صديقاتي و أيضاً راحتي ..