اردت ان أبحث عن مقال او كتابات أدبية تناقش الموضوع الذي اعنيه بدقة واحترافية تُعنى بالوضوح والبساطة والتعبير ، لكن لا أنفك احدث نفسي بتلك اللغة الأبوية وانظر لها في الحقيقة مجرد اسألة ومذكرات تناقش حالة (وجهة نظر) دائمة التغير والغياب عند الحاجة.

ان ذلك الصبي الذي بداخلنا هو ابسط مثال عن الانسان الذي هو ابعد عن صورة الانسان البدائي ؛ عندما نخطئ ، وننشغل ، ثم ننسى ونكرر حلقة أخرى و يمر الوقت.. ذلك الطفل ينظر لنا من طرف نوايانا ، ويشدنا من اصابع ضمائرنا، لنتذكر صورة أخرى ليست كما التي تحدث لنا الآن.. بل صورة أجمل وانقى و اكثر سلام. هي الصورة التي كانت دوما يشع بريقها في اعيننا وقتما ننظر لعظامنا الضعيفة ونفوسنا الغنية بالمرح. 

"إن مواجهة ذئابنا الداخلية لا تتم بالعنف ، لأن العنف يخدش ويجرح وترك آثار عميقة في النفس" مهدي الموسوي

قبل ان تمضِ وتترك أثراً ، هناك أشخاص لا يمكنك المغادرة دون توديعهم، أولهم هو انت .. عندما أنتهي من شيء اجد نفسي أجلس كصبي صُبّ عليه الغباء واللهفة يجلس امام "اللوحة" محاولا التقاط كلمة ليحاول نطقها قبل تعلمها .. وحين يبدأ في الكتابة فلن تفهم كلمات ذلك الطفل مهما حاول ان يرسم كل حرف بمهارة نحّات سيبدو لك كعامل منجم يكسر في الصخر. لأنه يشعر انه ينحت ، فانت المسبب لذلك الشغف ولكن عليك ان تحوله عن ذلك الشعور تدريجيا بعد كل حصة ، وتعلمه كيف ينطق بهدوء حتى لا ينفذ الهواء من عنده قبل ان يتقن قول الكلمة. ويضيع فرصة المحاولة... 

مهما حاول ان ينطق فسيتعثر لسانه، تبدو لك طفولة بريئة ، لكنه لازال يحاول التعلم .. انه لا يفكر فيما يشعر بكره او حب ، لأنه يقلدك.. ينظر لك بعين صغيرة تبعد عنك نحو عشر طوابق للأسفل ، يتسلق بنظره لعينك كمبنى ضخم يقع على ارتفاع برج شاهق.. 

نظرة ذلك الطفل تختلف عن نظرتي فكلانا ينظر للعالم بصورة مختلفة ، حتى انه بات ينفر مني بحثا عن الأقلام والكتب والصفحات الصفراء بينما الهو بين الألعاب والقطارات الصغيرة ظننا انني سأقطع بها غرب البلاد... لكننا اصبحنا نقرأ بسهولة ونخطط على الورق كذلك بمهارة اقرب الى النحت بعد ان كنا نعمل كلانا في منجم سيصبح مزارا أو بازار للفن.

، الحقيقة ان ذلك الطفل يتعلم منك.. وانت تتعلم منه ، رغم كونك المؤثر الفعلي ، فلازلت تتأثر منه. ولا تعتقد اذا كنت تتصرف خلاله او يتصرف من خلالك .. ولا تعرف من يقلد الآخر. لكن الذي اصبحت تتأكد منه ان ذلك الصبي يجب ان يكون صديقا لك تشاركه كل القصص والمغامرات الرائعة لحياتك. يجب ان تعامله بجدية ولا تتعامل معه بقسوة. لا يمكن فصل ذاتك الى شقين وانت واحد مهما حدث ومهما أخطأت. لكن تذكر ذلك الطفل الذي نشأ بداخلك وكانت علاقته بك تدوم بالحب والمصارحة... ولم يؤذيك او يؤذي من حولك. 

فكر هل كنت من تؤذي نفسك أم ذلك الطفل الذي كان يحمل اداة حادة وجدها في طريقه وتركها عندما انتبه لها تنزل منك دموع لم يفهمها... 

لازلت تخفي عنه امور كثيرة لا يجب ان يعلم بها باكرا (الامور التي تحيرك) وتغمض عينيه عن السوء وتمسك يده وتعبر به في اوقات تصادف وجودكم سويا...


١٣ فبراير