لاينبغي للناس لقاء أبطالهم!
كم تختزن هذه العبارة من الخيبة، عندما قالها آندي ميلر محذرًا من صدمة الانتقال المفاجئ من الخيال إلى الواقع، أبطالنا في مخيلتنا يبدون أضخم منهم في الواقع، إنهم غالباً غير محدودن، ليس لهم نهاية.. براقون.. لامعون.. كاملون تماما، هكذا هو الأمر، و لكن مالذي سيكون عليه مثلك الأعلى و كاتبك المفضل و فيلسوفك العظيم و حبيبك المنتظر عندما تلتقيه وجها لوجه.. عندما يقوم الواقع بإزالة الطلاء الحالم الذي صبغته به، و تذهب تلك الأضواء و التوجهات التي كانت تنبعث منه يوم كان يسكن أحلامك، في أحسن أحواله ستظهر عليه بعض العيوب التي لا تطمس جماله، و في أسوأ الأحوال سيتساقط ريشه و يبدو بكامل قبحه و هزاله، و تكتشف بأن الجمال والدهشة لم تكن فيه و إنما في ريشه الذي صنعته له.. و بين ماهو سيء و ماهو أسوأ تقوم حسابات الخيبة التي ستذوقها في مختبر الواقع.. و في كل الأحوال سترى بأنك كنت تبالغ - ولو قليلاً - في تخيل اسطورتك و محبوبك و قدوتك.. إلخ..
حسنا لماذا لا تتلافى تلك الخيبة و تقلل الخطورة بخفض سقف توقعاتك، لماذا لا تتقبل ابتداءً التصورات المعتدلة التي تتضمن المعايب و النواقص في الآخرين و اعتبار ذلك حتمية لابد منها.. فالكمال البشري يعني القليل من العيوب و ليس انعدامها، فما بالك بما هو أقل من الكمال من حالات الحسن و الإعجاب ..
هذا الكلام ليس مجرد تنظير لا يوصل لشيء، و إنما له أثر مباشر في حياتنا.. عندما تكتشف خللا في ايقوناتك و رموزك و أحبتك.. قولا غريبا.. تصرفا قبيحا.. عادة سيئة.. أيا يكن، ستحتاج كثيرا جدا لإعادة ضبط تصوراتك بينما تعاني من قسوة الصدمة و الألم الذي لم يكن ليحدث لولا انطلاقك خلف الحلم/الوهم الجميل.. هناك من هجر حبيبه و انقلب على استاذه و كره أفكاره التي عاش بها بسبب انتقاله من الخيال الذي رسمه للأشخاص و التقى بهم أو بعيوبهم فجأة بلا استعداد ..