مقدمة ..

القلب : عضوٌ مكون من عضلة مجوفة تنبض لمن تريد وتغفلُ وتتناسى من تريد، فبدونه لا يمكن للإنسان العيش، وبه يشقى الإنسانُ وبه يتشافى وبه يُجَّنُّ وبه يتعافى، سلاحٌ ذو حدّين ! يحمُل أسرار الإنسان التي لا يستطيع التعبير عنها بلسانه، يكتُم بداخله ما قد يؤهله للإنفجار، ويكأنه قُنبلة مدوية، فمن استطاع أن يمتلك زمام أمور قلبه فقد ملك نفسه ووجدها بعد طول طريقٍ في البحث عن أسرارها، فوفقنا اللهم في سرد هذه القصة التي لكَم تمنيت أن تُصاغ بشكلٍ قيّم وفريدْ .
إلى كُل عاشق قد خابَ ظنه، إلى كُل سقيم بداء الحب، إلى كُل من هجره قَلبه وهربَ منه، إليكم قد كتَبتُ وأتمنى أن تصلَ الفكرة المُرادة إلى عقولكم فَتسكُن
إليكُم ،،،،،،،،،،

عندما بدأتُ معركتي مع العشقِ والهوى، باتت خواطري تجوبُ أركان النوايا والشكْ، فتعلقَ قلبي ذات يومٍ بهالةٍ من نورْ،فتاةٌ تطيبُ العين عند النظر إليها، ترمُقها من بعيد فكأنما قمرٌ يسري على الأرض، ويكأنها ينبوعٌ يتفجّرُ في ضوء قمرٍ في لحظة نسيم عابره، فقد كانت لقلبي قمراً يُرشده في ظلال لياليه الكالحة، قد سمعتُ عنها من بعض رُفقائي كلاماً يجذبني إليها أكثرَ فأكثرْ،لم تكُن مسألة إعجابي شكلاً فقط، بل تعلق قلبي بشخصيتها الحالمة الفريدة من نوعها، ربما لأني لم أتعمق في جوانب شخصيتها هذه، رأيتها ولمْ تراني، لا أتذكر يوماً مُحدداً لتلك اللحظة الفارقة في حياة دقةٍ منْ دقات قلبي الساذج، لم تغب عن مخيلتي غيرَ بُرهة من الزمن، فكانت ظلالُها تروح وتجئ في ذاكرتي، لماذا هي ؟! ولماذا في تلك اللحظة قد دقَ القلبُ من أجلها ؟ لست أدري ! وباغتني شعورٌ متناقضْ، فربما هذا حديثُ النفْس الأمّارة، واستدراج الشيطان ! لست أدري ! ....

تنهالُ هذه الأفكارُ والشواردُ على عقلي، فينتصرُ الحبُ الطاهرْ في صولاته وجولاته، لم أكن أدري أنْ التفكيرَ ولو لثانية فيها مضيعةٌ للوقت ! وعندْما نويت البوّحَ بما يُكُنُ به صدري، واجَهتني بنظراتٍ عميقة صامته، ولكنها لها في قلبي عمَلُ كلامٍ طويلْ، وحاولتُ أن أجد جميع الطُرقِ إلى قلبها، لا أدري حينها ماذا أفعل ! قوبِلتُ بردٍ رقيقٍ بالنسبة لأي مُحبٍ لكنهُ وقع على قلبي كالصاعقة، لا أدري لماذا! رُبما كان قدراً مقدوراً .

وعند تلك اللحظة التي أعتبرها لحظةً فارقه عشتُ أياماً لا يعلمها إلا الله، هل أنا المخطئ ؟! أما ماذا ؟ هل تعجلتُ بعض الشئ ؟ أسئلةٌ ظلت تتردُ في عقلي فتُكسيه بالآلام والأحزان، تسارعت ضربات قلبي شيئاً فشئ، اشتعل زفيري ويكأنه مِرجَلٌ مُشتعلٌ بدون توقف، ربما ازداد قلبي تعلقاً بها عن الماضي لعلها أتتني في أحلامي ليلاً فأريدُ أن أعتذرَ لها أو أُفاتحها في مسألة الإعجابِ مرة أخرى ! لست أدري !
فالعجبُ كلَّ العجب ! قلبي مازال أسيراً لها وما اعتدت قبل هذا أسراً، ربما كان استرقاقاً !

قضيت أيامي بعد البَوح بمسألة إعجابي بها على مضض، لم أُفاتح أحداً في هذا الموضوع لفترة طويلة لعلي لم أجد الشخص المُناسب لكي يصف لي دواءً ليداوي به حرقة القلب وهذا الشعور الذي لم أعرف له تفسير إلى يومنا هذا، ويوماً بعد يوم لم أُطق التّحمل، شعورٌ غريب ينتابُني كل يوم، ودخلتُ في معركةٍ نفسية، عزفتُ عن الطعام والشراب، سبحانكَ اللهم ! فتاةٌ تفعلُ بي هكذا !
لم أكن أدري أنه إذا تعلم قلبي نبذةً عن الحب فإنه من المُحال إسكاته وإبعاده، ويكأنه أصبح عضواً غير بقية الأعضاء والحواس ! ويكأنه أصبح سيداً ومسيطراً على بقية الأعضاء وبذلك أصبحت مسألة هلكتي مُجرد وقت لا غيرْ، فبذلك لن استطع الصمود والمواجهة، رباه رفقاً رفقاً !
فقد وجدتُ فيها كمالاً وبعضاً من سِماتي ورأيتُ فيها نصفي الآخر ربما كان تزيينا من الشيطان لي !
لست أدري !

جائني أحد الأصدقاء الأوفياء الذين تعرفتُ عليه عندما كُنتُ في مرحلتي الجامعية، وكنت أرى فيه عقلاً رزيناً وكنتُ أستشيره في بعض مشاكلي الشخصية وكانت ردوده ونصائحه كافية لإقناع ذهني الشارد، رأى حالتي فرقَ لحالي، وقالَ لي بصوت عالٍ ما خطبُك يا صديقي،منذ فترة ولم أسمع عنك ولم تعُد تسأل عساك بخير، ولكني أرى الوجوم على وجهك !
أخبرني ماذا حلَّ بك فربما يُمكنني المساعدة، نظرت إليه نظرةً صامتة، وجرى في ذهني أن أُخبره فربما يكون عنده دواء هذا العلقم، وإن لم يكن عنده هذا الدواء فلن أندم لأنني كنت بحاجه لأُخرجَ ما بداخلي من كلماتٍ وأسرارٍ لو بقيت بداخلي لقتلتني ! أليس مألوفاً أن يكون هذا الحُب فضاحٌ يأبى الستر على المُحب الولهان ! ، ألا ما أعجب الحُبَّ حين يثور في قلب صاحبه ! ولن يكتمل هذا الحب في نفس أسيره إلا إذا تحدث به وأخبر به غيره ! كم هي غريبة فلسفة الحب والعشق !
فكُنتُ مستعداً بان أُخبره بهذا السر لكنني لمْ أُرِد ذلك، غير أني قد قصصتُ عليه الموضوع منذ بدائته حتى يوم البَّوح بحُبي لها، وقصصتُ عليه بعضاً من مُعاناتي ومُكابداتي .

لم يقاطعني في كلامي فما لبث أن انتهيتْ، صمت قليلاً وقال لي بصوتٍ هادئ : ( إنه القلبُ وتقلُباته يا صديقي ! )

ياصديقي لا تحزن فإن الدُنيا لم تُخلق من أجل فتاة قد ملكت قلبك ! دعك من هذه التصرفات الصبيانية التي لا تَمُتُّ لعاقلٍ مثلك بشئ دعك من هذا الهُراء البالي فقلبُك لم يُخلق لأجلها، فلو تماديت في ذلك فتُصبح على ذلك عظماً أوهن من البلادة ، وجسداً هَرِم من التعاسة ، ورجلاً لو أطاعته الدنيا كُلها لما أطاعته قوته وإرادتُه ، وما رآك الطالحون إلا زادوا بأوهامهم كُفرا ، وبأصحابهم ومن على شاكلتهم نفَرا ، يا رفيقي ! لا تجزع لحوادث الليالي السرمدية وقُمْ من كبوتك، وامضِ في طريق الله تُرهب شياطين نفسك الضعيفة، فإن لكلِ شئ ميعاد والله لم يُردْ لك المُضي في طريق هذه الفتاه وأنا على يقين بالله أنه ما اختار لك هذا الدرب إلا لشئ قد خبأه لك فربما كانتْ هناك أمور غيبية لا تعلمها عن هذه الفتاه، وقد جعل الله لك وقتاً لتعلمها.
يارفيقي ! لعله خيراً
فتركني بعدها ثم ذهب.

هدأ قلبي بعض الشئ وبدأت المحنه تزول من عليه شيئاً فشئ إلا أنه مازال يٌباغتني هذا الشعور أحياناً، ولكني استطعت عدة مرات أن أهزمة.
وبعد وقت ليس بالقصير تيقّنتُ أن الله لم يُرد لي أن أغورَ في هذا الطريقِ المُعتم، ويوماً بعدَ يومْ توالت النتائجُ وصدق كلامُ صديقي وصدقَ القدرْ وصدقتْ حلاوة التدابير، فتيقنتُ أن الله لم يُرد لي المُضىَّ في هذا الدربِ الشائكْ، الذي تيقنت أنني لو مضيتُ فيه ولو لخطوة واحدة نحو هذه الفتاه لكانت هي معضلة زماني وسبب شقائي في الدارينْ، حمدتُ الله كثيراً وتقربتُ إليه أكثر، وعلمتُ أن القلوب يلزمها عقلٌ راشد يُدير حركتها كعقل صاحبي ذاك .

فإنني لم أتوقف عن الحب، غير أني اجتهدتُ أن تُدبَّرُ الأقدارْ فيه بغير الرضوخ إلى عاطفةٍ ساذجة كادتْ أن تهوى بي إلى مستنقع الآلام والندم ْ .

* أنامُ ملء جفوني عن شواردها .. ويسهرُ الخلقُ جرّاها ويختصمُ