أُسْـجُـد لـزهرة ، و لو لــوَّثْـتَ يديك ، و لو جَــرَحْتَ رُكْـبَـتَـيـك ، و لا تَــسْجُـد لطاغيةٍ و لو مَـلأ بالذهب يَدَيك ، و لو زَيَّـنَ بالـفِـضَّـة رِجْــلـَيـك .

   اركع للـمـنـاضلـيـن من أجل العدالة و الكرامة و الحرية ، و لو آلمك ظهرك ، و لو انكـسـر ظهرُك ، و لا تركع للمـتـسـلـطـيـن على رقاب العباد ، و لو كــسروا رَقـبـتـك .

   قـبِّـل جَـبِـيـنَ الـيـتـامى و الأرامل و الـشـيـوخ ، امـسـح دموعهم ، أطْـعِـم جائِـعَـهُـم ، و لو  اقْـتَـطَـْعتَ من قوتِـكَ و قـوتِ عِـيالِك ، و لا تُـلَمِّع وجـوهَ السارقـيـنَ لأقواتِ الضُـعـفـاء و لو أَغْـرَقـوك بالعَـسَـل .

اسجد لزهرة ، فانك ان فعلت كنت من السائرين على " طريق الله " ،

زر المرضى ، فانك ان فعلت ذلك ، وجدت الله هناك ،

قَـبِّـل جَـبِـيـنَ المكلومـيـن ، ساعِـد الـمـحـتـاجـيـن ، فانك ان فعلت كـنـت من العامِلـيـن في  " سـبـيـل الله " ،

   هذه هي "سبيل الله" : أن تُــعَـفِّـر جَـبـيـنـكَ في الـتـراب ، أن يـغْـسِــلَـكَ العرقُ ، أن تـطـهـركَ الـدموعُ ، أن تُـنْـفِـقَ في العُـسْـرِ و الـيُـسْـرِ ، أن تعملَ في الـمَـنْـشَـطِ و الـمَـكْرهِ ، أن تفعلَ ذلك كـلَّـهُ – أو بَـعْـضَـهُ – مـن أجـل خلقِ الله .

هذه هي سبيل الله ، سبيل واحدة ؛ سبيل الخير ،أما الشيطان فسبله كثيرة :

أن تُـفْـنِـيَ حيــاتَـكَ ، من أجل تـنـمـيـةِ ثروتك ، دون أن تلـتـفـتَ الى فـقـيـر ،

أن تُـشـيِّـدَ القصورَ ، دون أن تؤوي مشرداً ، 

أن تأكلَ حتى الـتُـخْـمَـة ، حـتـى الاخـتـنـاق ، دونَ أنْ تُـطعم جائعاً ،

أن تُـغَـنِّـي و ترقصَ ، دون مراعاةٍ لـشـعـور مُـبْـتَـلَى ،

أن ترفُـل بلباس الـصـحةِ و العافـيـةِ ، دون أن تَـعْـتـنـي بمريض ،

أن تكذبَ و تـزورَ و تُـدَلِّسَ دون أن تـهـتـم لضياع حق ...

   هذه هي سُـبُـلُ الـشـيـطان :  أن تُـعـمِّـرَ جـيـبـكَ و تُـخَـرِّب قَـلْـبَـك ،   أن تُـنَـمِّـيَ بَـدَنَـكَ و تُـضْـعِـفَ رُوحَـك ، أن تعمل لنفسك و تنسى غيرك ... 

   و هذه هي سَـبِـيـلُ الله ؛ سبيل الله أن تـعملَ الخـيـرَ من أجلِ غـيـرِك ، من أجلِ الـبـشـر ، كل الـبـشـر ، هذه هي سـبـيـلُ الله ، لا الـتـفـجـيـر و لا الـتـكـفـيـر ، و  لا حتى الـتَـكْـشِـيـر ، الم يقل الـمـبـعـوثُ رحمةً للـعـالـمـيـن – و ليس للمسلمين فقط – الم يقل عليه السلام :

 ( تَـبَـسُـمـك في وجه أخيك لك صدقة ) ؟ .

   لقد أضــعـنـا - و الله - الاسلام ؛ أضــعـنـا جَوْهَــرَهُ ؛ فَـجَـوهرُ الاسلام هو :

مـعـرفـةُ الله ، معرفـةَ الـخـالـق ، جوهرُه هو  تـزكـيـةُ الـنًّـفْـس ، جوهرُه هو الاحـسـان الى الـخـلق ، أضـعـنـا هذا الجَـوْهَـر ، بل أضــعنــا هـذه الـجَـواهِـر ، أضـعـنـاها و اسـتـخدمـنـا الدين كأداة لـتـنـفـيـذ مآربنا السياسية ، استخدمناه لـتـحـقـيـقِ مصالحِـنـا الخاصة : مصالحِنـا الـشـخـصـيـة و الطائـفـيـة و المذهـبـيـة و الحزبية ...

    لقد عاد الاسلام غريبا يا سادتي كما بدأ ، هكذا تـنـبـأ رسولُ الله ، ثُـمَّ أكمل حديـثـَه مُبَــشِّـراً – مُــبَـشِــراً الـقِــلـةَ القابـضَـةَ على جَـمْـرِ الـخـيـرِ و الـحـقـيـقـة – أكمل عليه السلام - قائلا :

(فـطـوبـى للـغـرباء )

قيل : ( يا رسول الله ، و من الغرباء ؟ )

قال : (الذين يـصـلـحون أذا فـسـد الناس) ! .

اللهم اجـعلـنـا من الصالـحيـن الـمـصـلـحـيـن ...