أنين المصريين بالخارج
صورة قريبة من واقع معاصر

Image title


بين سيناريوهات العودة للوطن وسيناريوهات الصبرعلى المعيشة براتب متقطع على مدار السنة وبين خذلان رفقاء الغربة وزملاء العمل تقع محنة المصريين بالخارج والعاملين بقطاع المقاولات، يكتم هؤلاء أنينهم بين الحمد لله كإجابة عن سؤال الأهل فى مصر وبين بكرة أحلى إن شاء الله لأسرهم.
فالأنين المعيشى أصبح صوته عال فى كل شركات المقاولات تحت وطأة التدهور الحادث فى مشاريع المقاولات بالمملكة وعجز الشركات عن دفع رواتب موظفينها.
(1)
فعلى مدار سنة كبيسـة فعلاً ووصفاً كانت سنة 2016 ضيفاً ثقيلاً على جيوب العاملين بقطاع المقاولات ففيها تم تسريح أكثر من نصف القوى العاملة لدى الشركات والنصف الباقى يتقاضى الصبر بديلاً عن الرواتب التى لم يتقاضوها إلا خمسة أشهر على مدار السنة الكبيسـة ويتفاقم العجز عن تلبية إحتياجات الأسرة وإلتزاماتها الشهرية من أقساط سياراتهم بالخارج وأقساط مسكنهم بالداخل بينما تطالب المدارس الخاصة بمستحقاتها أقساطها حتى لا تطرد أولادهم والجميع يترقب من يطرق باب مسكنهم فموعد إستحقاق الإيجار قد حان.
(2)
الجميع يتعامل مع الأزمة الطاحنة (فالمصرى متعايش بطبعه ) فالبعض يقضى وقته فى تصفح مواقع السوشيال ميديا متعليقين بخبر هنا أو هناك يبث الأمل ويبعث الحياة فى شرايين السعادة المتجمدة منذ أن تجمدت أرصدتهم عند أرقام يخجل الكثيرون إبلاغ أسرهم عنها لعجزها تلبية أساسيات إحتياجاتهم المعيشية فإمتلأت السوشيال ميديا بالسخرية الصابرة التى تبعث بالبكاء أكثر ما تدفع الى الضحك (إبتسم ... فأنت فى الخربابة) (#أحا_فلوسنا) (قلت للنحس حِل عن سمايا....راح فارد إيديه وإدانى على قفايا).
.
البعض الأخر يحاول أن يحول الأنين الى فعل على الأرض مجتهداً فى معرفة كيف الخروج من الأزمة ؟ فيبحث عمل أخر خارج مجال المقاولات المنهار فيشارك بسيارته فى مشاريع كريم و أوبرا والبعض مازال يبحث عن عمل إضافى.
والبعض الأخر الذى ظل مقاوماً ومطالباً بحقه فى إسترداد رواتبه المتأخرة فيضعظ على إدارة الشركات بتمويت العمل وإضعاف الإنتاجية وعمل إجتماعات مع مدراء الشركات ليوضحوا بعض المجهول من المستقبل الغامض وهل سيواجه الشركات نفس مصائر شركتى سعودى أوجيه من إفلاس و بن لادن من عدم صرف 10 أشهر كاملة لموظفيها.
الكل يحتاج إلى إجابة واضحة شافية ولكن أن تكون الإجابات (لا نعرف – مافيش حد بيرد علينا – بيقولوا الأسبوع دة) هى فى حد ذاتها فتائل نيران يصب عليها غضب الجوعى والمديونين بأقساط والمجروحين فى كرامتهم من ذل السؤال .
وإن شبت النيران فلا تسأل حينئذ من المسئول؟
يختلف الأنين حين يتحول الى فعل على الأرض نظرا لما يمر به فاعله من إحباطات و مذلة فهناك من يغلق بوابات المشروعات وهناك من يقتحم على المدراء مكاتبهم ومن يرصد موعد صاحب المال لينقض عليه ليخرج إحباطه فى وجه وهناك من يمتنع عن العمل صورياً بتمويت الإنتاجية اليومية وهناك من يمتنع صراحة بعدما بلغ مدرائه عن ذلك.
لا تنتظر إنتاجاً حقيقياً وأرواح العمالة محبطة، بطونهم جوعى، نفوسهم يائسة من معرفة سؤال واحد يشغل عقولهم يتكرر الف مرة ومرة عن موعد الراتب ؟؟
(3)
عندما يسكب وقوداً على الأرض،فإن أول عود ثقاب كاف لإشعال حرائق ممتدة....
لا تطلب من جائع أن يتعقل ولا تدعو من لا يجد قوت يومه أن يصبر ولا أمل فى تفهم من لا يجد علاجاً يبقيه على قيد الحياة
لا أحد بوسعه أن يضع خطا فى الهواء يطلب من الجوعى والمتضررين ألا يتجاوزوه فهذا وهم كامل 
(كلمات لــ عبدالله السناوى)
(4)
وسط تلك الصورة الكئيبة تجد روائح العفن من نفوس نتنة لا تعمل إلا فى هذه البيئة تصطاد المواقف لتعيش حياتها منتظرة تلك اللحظة لتظهر قبحها فى وجوه من أرادوا أن يعيشوا كراماً وأن يأخذوا رزقهم بعزة نفس.
فيتقدم المخنثون بالتعري ليحصلوا على وظيفة الأغا لحماية أصحاب الشركات ومدراء المشروعات ممن يطلبوا حقوقهم و رواتبهم
فلم يكتفوا بخذلان رفقاء العمل بل يتأمروا عليهم ليحظوا بليلة ساخنة حمراء مع مدراء الشركات أو أصحابها فالمقابل هو الرضا عنهم وأن يكونوا من أصحاب الحظوة لدى أسيادهم وهم فى الحقيقة قد نالوا وظيفة الأغا فى البلاط الوظيفى.
.
فلا هم قد إحترموا زملائهم ولا قد إحترموا رجولتهم فما معنى الرجولة وعزة النفس للمحلل الذى يشتريه سيده ليعقد قرانه على زوجة سيده التى طلقها ثلاث فهم يومئذ أقرب للتيس المخصى وما نهاينه إلا البيع أو الذبح يوم يغتسل الرجال همومهم إستعداداً لفرحة الفوز بكرامتهم.
.
فلا حياة لمن قبل التعريض له منهجاً ولن يسمعك من جعل أذنه فى مؤخرته.
(5)
يقال أن فى السفر سبع فوائد ولكن فى الأزمات درس الحياة فمعرفة معادن الناس الحقيقة فمنها النفيس ومنها الخسيس فالأزمات تضع الجميع أمام مرأتهم ليشاهد الجميع الخسيس عريانا شرموطاً.
كذبوا عليك حين خدعوك أن المصريين يتحدوا عندما تشتد الأزمة فالحقيقة أنهم حين خرجوا من وطنهم قد تركوا كثيراً من نفائس طباعهم وأخلاقهم خلفهم.
فكلما تشتد الأزمة تكثر الخوازيق وتجد فئة المعرصين والشراميط طريقها الى العمل فى البيئة المناسبة لحقارة نفوسهم ، فينتهز ضعاف النفوس والمكانة الفرصة للإنتقاض على كرسى من أكل معه عيش وملح. يتلون كالحرباء يتلصص كالفأر يزحف كالثعبان فالكل همه الأول رضا الكفيل وفى رضا الكفيل رزقاً للعبيد.
تتحول القضية من مطالبة بالرواتب المتأخرة كمشكلة عامة الى مشكلة خاصة لدى المدراء فكيف يخبر الكفيل بذلك فقد يتهمه بعدم الكفاءة وقلة السيطرة على هؤلاء المطالبين بأقل حق هو معرفة موعد صرف الرواتب.
(6)
وسط مستنقع العفن والمصالح والتربيطات وأزمة الكرامة يفوز الرابحون بكرامتهم ومواقفهم الشجاعة المحترمة أمام أنفسهم وأمام من يعرف قيمة الكرامة وعزة النفس ويخسر الخاسرون بعدما فقدوا رجولتهم على كراسى الأغا.
#كفايــة
#أحا_فلوسنا
#جبنا_أخرنا
#كرسى_الأغا