تعرضت بلاد الرافدين وعبر تاريخها الطويل الى امرين في غاية الخطورة ؛ الاول : احتلال الاراضي العراقية ثم سلخ البعض منها والادعاء فيما بعد بأنها غير عراقية ؛ والثاني : استدعاء الغرباء والاجانب وجلب المرتزقة من كل حدب وصوب لاستلام الوظائف الحكومية والمناصب العسكرية والامتيازات العامة على حساب العراقيين الاصلاء وسكان البلاد القدامى ؛ لاسيما في عهد الاحتلال العثماني البغيض والاحتلال البريطاني الخبيث ؛ فقد عمل الاحتلالان على مسخ الهوية العراقية وتغيير الخريطة السكانية واحداث التغييرات الديموغرافية المنكوسة ؛ وبما ان الدولة العراقية المعاصرة والتي انبثقت عام 1921 جاءت وفقا للإرادة البريطانية , ارتهن أمر العراق بهم , فكان للإنكليز الدور الرئيسي ان لم نقل الابرز والاهم في تحديد مصير بلاد الرافدين والامة العراقية , فهم اللاعب الرئيسي والى هذه اللحظة ؛ لذا نلاحظ تغيير بسيط في اللوحة الوطنية لان الالوان المستخدمة هي نفسها , وكذلك يبقى المشهد العراقي يعج بنفس الاحداث والسيناريوهات ؛ لان المخرج واحد لا يتغير .
وبما ان الانكليز ومنذ البداية قرروا تغيير الخريطة السكانية العراقية ؛ بسبب مقاومة الاغلبية العراقية الاصيلة لهم واندلاع ثورة العشرين وغيرها من الاسباب , سلطوا شذاذ الافاق من بقايا العثمنة و الغرباء على رقاب العراقيين الاصلاء , وجاؤا بالأجانب والدخلاء من كل حدب وصوب , وأوكلوا اليهم مختلف المهام السياسية والثقافية والاقتصادية والدينية وغيرها , واعطوهم امتيازات الخونة والعملاء والمتعاونين , وقد سارت الحكومات الهجينة والعميلة بسيرة البريطاني الخبيث , اذ عمدت تلك الحكومات والى عام 2003 بإيواء الغرباء والاجانب والدخلاء وتجنسيهم بشتى الذرائع والحجج الواهية , لتغيير الواقع السكاني , وترجيح كفة الدخلاء والغرباء المجنسين على كفة العراقيين والمواطنين الاصلاء ؛ فطوال فترة حكمهم الاسود كان العراق لشذاذ البلدان العربية وكان لكل مواطن عربي او مستعرب حصة في نفط الجنوب وثروات العراق , بينما كان العراقيون يعانون الامرين ويساقون الى معارك الوكالة وحروب النيابة الخاسرة ومقاصل الاعدام والمقابر الجماعية و غرف التعذيب المظلمة .
وبعد تحرير العراق من الطغمة الهجينة عام 2003 ؛ ظن العراقيون الاحرار خيرا بهذه التجربة الوطنية الديمقراطية , وقلنا ان الحكومات المنتخبة والبرلمان الذي يمثل مصالح الشعب وصوت وضمير الامة العراقية , سيتخذ الاجراءات الحاسمة ويشرع القوانين الصارمة , والتي تهدف الى الحفاظ على الهوية العراقية والخريطة السكانية الحقيقية , ويطرد الجاليات الغريبة والاجنبية , ويسقط الجنسية العراقية عن كل الغرباء والاجانب والدخلاء الذين تم تجنسيهم خلال فترة الحكومات الهجينة والطائفية والعميلة الحاقدة , ويقوم بإرجاعهم الى بلادهم الحقيقية ؛ لان عمليات التجنيس تمت بصورة باطلة ولأغراض طائفية وقومية وسياسية مشبوهة وبأوامر استعمارية وخارجية ؛ وتستهدف الحاق الضرر بالهوية العراقية ومصالح الاغلبية الاصيلة ... ؛ الا ان ظن العراقيين الاصلاء قد خاب كالعادة ؛ فقد فتحت الحكومات المتعاقبة وبعلم الامريكان وبتوجيه البريطانيين و ضغوط بعض القوى الدولية والاقليمية ابواب العراق على مصراعيها ؛ امام جحافل الاجانب والغرباء بحجة الاستثمارات الاقتصادية والعمالة او بذريعة الزيارات الدينية والسياحة او نصرة الدين والمذهب ؛ فضلا عن اجتياح مجاميع الارهاب والجريمة لحدود العراق وارتكاب ابشع المجازر والجرائم والعمليات الارهابية باسم الجهاد ومساندة اهل السنة ضد الصفوية او مقارعة المحتل ... الخ .
واخطر ما في الامر حاليا , انتشار الفساد في كافة دوائر الدولة لاسيما الامنية منها , والانفلات والتسيب الامني الخطير , فضلا عن تشريع القوانين التي تسهل عملية استيطان الغرباء والاجانب والدخلاء في العراق , واعطاء الجنسية العراقية لهم , ومساواتهم بأبناء البلد بل وتفضيلهم على العراقيين الاصلاء ...؟!
ومن اخير المهازل وليس اخرها , مهزلة اختفاء 50 الف باكستاني في العراق , فالمسؤول العراقي يغط في نوم عميق , فهو مشغول برعاية اسرته في الخارج , واما العراق فله رب يحميه , والعراقيون لهم الله , فقد اصابهم اليأس من المسؤولين الفاشلين والموظفين والكبار الفاسدين , بحيث نبهتنا الحكومة الباكستانية مشكورة على خرق أمني كبير الا وهو اختفاء 50 الف باكستاني في بلادنا المستباحة , والمفروض بالمسؤولين العراقيين معرفة كل صغيرة وكبيرة تحدث في البلاد وخارجها لاسيما ان كان الامر يتعلق بالأمن الوطني ...!!
فقد فجر مفاجأة مدوية وزير الشؤون الدينية الباكستاني شودري سالك حسين ، يوم الخميس 25/7/2024، حين أعلن عن اختفاء نحو 50 ألف باكستاني في العراق خلال زيارة محرم، دون تحديد الفترة التي اختفوا فيها ... , وقال حسين خلال اجتماع لجنة بمجلس الشيوخ برئاسة السيناتور عطا الرحمن، إن "نحو 50 ألف باكستاني اختفوا في العراق"، مبيناً أن "الحكومة العراقية تصدر تأشيرات مجانية للحجاج، لكن منظمي الرحلات السياحية يتقاضون 80 إلى 90 دولارا"... , وطلب من حكومة بغداد الاسراع لفتح تحقيق في تسربهم خلال زيارتهم المراقد الدينية في البلاد بمناسبة شهر محرم... , ونقلت صحيفة «الأمة» الباكستانية عن وزير الشؤون الدينية، شودري حسين، أن عدداً كبيراً من الزائرين الباكستانيين اختفوا في العراق خلال السنوات الماضية ... ؛ وقال الوزير، إن حكومة إسلام آباد تتخذ خطوات للتحقق من الأشخاص الذين يسافرون إلى الخارج بوسائل غير قانونية... , وأُبلغت اللجنة الدائمة للشؤون الدينية والوئام بين الأديان في البرلمان الباكستاني أن نحو 50 ألف زائر باكستاني اختفوا في العراق حتى الآن.
وتزامن تصريح المسؤول الباكستاني مع إعلان الشرطة العراقية اعتقال 6 باكستانيين في إحدى مناطق بغداد يقومون بأعمال التسليب في منطقة الكريعات ... , وهذه الجريمة تضاف الى قائمة الجرائم الطويلة للعمالة الاجنبية والغرباء في البلاد , فقد ضاق العراقيون بهم ذرعا , وبدأ الصبر ينفد , وقبلها ارتكبت الجالية الباكستانية جريمة اخرى ؛ اذ أعلنت الاستخبارات العسكرية الإطاحة بعصابة خطف وابتزاز مكونة من 9 باكستانيين في منطقة الشعب ببغداد، مبينة أنها تخطف أجانب وتساومهم على مبالغ مادية ؛ وغيرها الكثير ... الخ .
طالما حذرنا من مخططات الفئة الهجينة ومن تداعيات بقاء وتمدد ابناءها في بلاد الرافدين , فإلَامَ وَحَتَّامَ التساهل والتغافل عن الغرباء والدخلاء والعوائل ذات الجذور الاجنبية والشخصيات المشبوهة ذات الاصول الغريبة التي تلعب بمصير العراقيين وتسعى في العراق فسادا وافسادا وتخريبا ودمارا ؟؟!!
والى متى يبقى العراق بلدا للغرباء والاجانب والدخلاء , وتتحكم الدول الخارجية بمقدراته , متى يعود العراق للعراقيين فحسب , بحيث لا يشارك العراقيون احد في العراق , متى يصبح العراق للعراقيين فقط , فنفطنا لنا وليس للعرب ومقدراتنا الدينية لنا وليست لاحد , والى متى تبقى اموالنا منهوبة واراضينا وثرواتنا مسلوبة وحقوقنا ضائعة وهويتنا مغيبة ؟؟
ويحاول البعض وبسبب سوء ادارة المسؤولين عن هذا الملف وفشلهم في حفظ الامن وتطبيق القانون ؛ الصاق مجيء الباكستانيين بالشيعة العراقيين فحسب وتبرئة الاكراد والسنة وغيرهم ؛ بينما الحقيقة خلاف ذلك , اذ تساهم السلطات الكردية في شمال العراق بإدخال العمالة الاجنبية والغرباء وبصورة غير قانونية الى العراق , وكذلك يقوم ابناء السنة باستدعاء العمالة الباكستانية من الطائفة السنية وقد شارك بعضهم في صفوف داعش وقطنوا المناطق السنية , فالكثير من الباكستانيين الذين ينتمون للطائفة السنية يستغلون موسم الزيارة الاربعينية السنوية في العراق ويدخلون الاراضي العراقية وبصورة مجانية مع الباكستانيين الشيعة بحجة الزيارة , والشيء بالشيء يذكر : فقد افاد مصدر في الشرطة العراقية، يوم الجمعة 26/ 7/ 2024، بإلقاء القبض على عشرات الباكستانيين لا يحملون سمات دخول رسمية داخل مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني وسط العاصمة بغداد... ؛ وقال المصدر، إن شرطة الرصافة ألقت القبض على 33 شخصا باكستاني الجنسية ليست لديهم سمات دخول رسمية اثناء دخولهم الى مرقد الحضرة القادرية وسط بغداد، بحسب ما اوردته بعض الوكالات ؛ وفي محافظة بابل، قال مصدر أمني محلي، إن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على 47 باكستانياً مخالفاً لشروط الإقامة ... الخ .
وبعد تسرب هذه الاخبار الخطيرة , ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والوسائل الاعلامية العراقية , بشتى التعليقات وردود الافعال الغاضبة والساخرة ؛ اذ علق احدهم ساخرا : (( العثور على 6 فقط من 50 ألف باكستاني دخلوا العراق لأداء زيارة عاشوراء واختفوا... )) وطالب ابناء الامة والاغلبية العراقية وبعض الساسة بوضع حد لهذه الخروقات الامنية والتحديات والمخاطر الاجتماعية والاقتصادية , وصرح النائب السابق مشعان الجبوري قائلا : (( إن ما أعلنه الوزير الباكستاني يتطلب من الحكومة العراقية التعليق، «لما يُمكن أن يشكله هؤلاء من مخاطر على الأمن وتأثير على سوق العمالة )) وقال المحلل السياسي إياد العنبر لـ (باسنيوز) : « بما يخص الأنباء عن تسرب آلاف الباكستانيين في العراق، هذا الموضوع يتكرر بين فترة وأخرى، وقد تمت مناقشته في أكثر من مناسبة باعتبار أن هذه المشكلة موجودة وما زالت ولكن الإجراءات لم ترتقِ إلى مستوى التعامل معها بأنها هجرة غير شرعية وتنطلق منها العمالة غير الشرعية وغير المنظمة وغيرها من التوصيفات»... , وبين العنبر، أن «هذه القضية تعد من صميم اهتمامات الأمن الوطني واهتمامات وزارة الداخلية، وهذه المشكلة لم تحل حيث كانت هناك إجراءات ولكن يبدو أن هذه الإجراءات يتم بسهولة التحايل عليها حيث يتم استلام جوازات الباكستانيين عند دخولهم ولكنهم لا يراجعون على هذه الجوازات ولا تتم عملية متابعتهم ومراقبتهم وتحديد تحركاتهم»... ,وأشار المحلل السياسي إلى «في المدن الدينية وتحديداً في النجف الأشرف توجد مناطق مخصصة وهي تأوي الكثير من أصحاب الجنسية الباكستانية والأفغانية، وإلى هذه اللحظة لا توجد معلومات إن كان هؤلاء قد أتوا بفيزا سياحية أم غيرها، وعدم تنظيم هذه الأمور - حيث تحدث هكذا خروقات في بعض الدول ولكن يتم تحجيمها وضبطها حيث أنها من المواضيع الخطرة - يهدد الأمن الوطني»... ؛ ومن جانبه أكد الخبير الأمني مخلد حازم، أن «هذه ظاهرة خطرة تهدد الأمن والسلم المجتمعي والأمن القومي العراقي، لكوننا نتحدث عن أعداد كبيرة بدأنا نراها كأفواج في الشارع العراقي وبعموم المحافظات، وفي الحقيقة لا يوجد حاكم وضابط حقيقي لدخول السائحين إلى العراق»... , وأوضح حازم، أن «العراق يمتلك مراقد أهل البيت (ع) وهذه ثروة كبيرة، ومن يأتي للعراق من أجل الزيارات الدينية يجب أن يأتي وفق الضوابط والأنظمة التي تعدها وزارة الداخلية، والكثير من هؤلاء يدخلون إلى إيران عن طريق التهريب ويسكنون قرب الحدود العراقية من أجل التسرب إلى داخل العراق مع قدوم الزائرين في المناسبات الدينية»... , ولفت الخبير الامني، إلى أن «الدول المتطورة التي تملك مزارات دينية تدخل إليها أفواج الزائرين ضمن أنظمة خاصة وتوجد عجلات محددة لنقلهم وتكون تحت إشراف الجهات الأمنية وتقوم بنقلهم للمزارات من أجل الزيارة وبعد ذلك ترجعهم إلى الحدود أو المطارات من أجل عودتهم إلى بلدهم، ولا يجب إدخال جنسيات أخرى قادمة من إيران والتي لدينا معها اتفاقيات بشأن دخول الإيرانيين خلال الزيارات، ولذا يكون الدخول لهم حصراً»... ؛ وقال عماد علو، متخصص في شؤون الأمن، إن “هؤلاء الباكستانيين دخلوا بهدف المتاجرة بالحشيشة والمخدرات إضافة للتسليب، وهم غير مفحوصين طبيا، فمن الممكن أن ينقلوا أمراضا غير موجودة في العراق”... ؛ وقال ضياء المحسن، اقتصادي، إن “عشرات الملايين من الدولارات تتسرب الى الخارج بسبب اعمال لا تتطلب خبرات أجنبية، اضافة الى أن هناك جهات مستفيدة من الموضوع هي التي تسهل هذه العمليات من دون تنظيم”.
وكالعادة جاء رد الحكومة متأخرا , ففي أول تعليق حكومي، أعرب وزير العمل العراقي، أحمد الأسدي، عن قلقه واستنكاره لتزايد عدد العمالة غير القانونية في البلاد، مؤكداً أن وزارته ستحقق في اختفاء آلاف الباكستانيين في العراق، وأن هذا الأمر «سيكون محل اهتمام للتحقق واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم»... , وقال الأسدي في بيان صحافي: «إن العراق شهد توافد سياح من مختلف البلدان خلال الأيام الماضية، من بينهم الباكستانيون، إلا أن العديد منهم بدأوا بالانخراط في سوق العمل دون التصاريح القانونية المطلوبة»... , وأوضح الوزير أن «هذه الظاهرة تؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني وتنافسية سوق العمل»، مؤكداً أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين»... ؛ وشدد الأسدي على «التعاون بين الجهات المعنية لضمان تطبيق القوانين واللوائح الخاصة بالعمالة لمختلف الوافدين الأجانب للبلاد»... , وأكد الوزير أن «العراق يرحب بجميع السياح، سواء للسياحة الدينية أو غيرها، من جميع أنحاء العالم، لكنه يشدد على ضرورة احترام القوانين والأنظمة المحلية».
وبعد انتشار الاخبار وتفاعل الجمهور واستياء الشعب العراقي من هذه الاحداث والخروقات والاستهتار بمقدرات البلاد والعباد , حاول البعض لملمة شتات وتفاصيل الموضوع واسدال الستار على مقدمات هذا الخرق ونتائجه على ارض الواقع , فبادر البعض الى تكذيبه , وعمد البعض الاخر الى التشكيك بالأعداد , ولم يقتصر هذا الامر على الجانب العراقي , بل شمل الجانب الباكستاني والحريص كل الحرص على امن مواطنيه و حماية مصالحهم وامتيازاتهم في العراق ؛ فقد احرج الوزير الباكستاني الجانب الباكستاني والعراقي معا , مما دفع الحكومة الباكستانية او بعض الجهات الحكومية هناك ومن اجل امتصاص الغضب الشعبي العراقي الى التخفيف من اللهجة واخفاء وانكار بعض المعلومات , اذ صرح وزير الشؤون الدينية سالك حسين بما يتعارض مع تصريحه الاول فيما يخص بعض النقاط ؛ قائلا : (( لقد تم اخراج التصريح عن سياقه وتم استعماله للإساءة لباكستان , وهذا العدد 50 الف هو للسنوات الماضية وليس لهذه السنة , وهؤلاء لم يختفوا بل تخلفوا عن العودة , وليسوا تابعين لاي جهة او تنظيم , وقد ذهب هؤلاء عبر جهات وشركات لم تقم بالوفاء بالتزاماتها , بل تركتهم للمجهول في العراق , وطالبنا بتقنين وجود هؤلاء في العراق وتعديل اوضاعهم بما يتماشى مع القانون العراقي , وسنلتقي بوزير العمل العراقي ونوقع على مذكرة تفاهم بهذا الخصوص ... )) بينما ادعى البعض ان الخارجية الباكستانية نفت خبر اختفاء 50 الف باكستاني في العراق ... الخ .
وهذا الارتباك والتشويش والتهافت في التصريحات الباكستانية ان دل على شيء فإنما يدل على ان وظيفة الحكومة الباكستانية ليس قول الحقيقة والواقع او الدفاع عن مصالح وامن العراق والعراقيين , بل غاية الحكومة الباكستانية حماية امن مواطنيها وتحقيق المنافع والمكاسب لهم في العراق ليس الا , وقد عمدت الحكومة الباكستانية الى التواصل والتنسيق مع الحكومات العراقية المتعاقبة لأجل تحقيق هذا الغرض , وعليه لا ترى الحكومة الباكستانية غضاضة او حرج في تغيير تصريحاتها وقلب الحقائق رأسا على عقب , ان كان هذا الامر يصب في مصلحة الباكستان ... ؛ والعجيب انه يدعي ان تصريحه استخدم للإساءة الى بلاده , فهل مطالبة العراقيين بتطبيق القوانين وحماية الامن الداخلي والاقتصادي يعتبر اساءة لبلادك ؟! , وقد اقر بوجود ال 50 الف باكستاني الا انه نفى دخولهم خلال شهر محرم المنصرم , ومن قال لك ان جوهر القضية يقوم على دخولهم واختفاءهم خلال الزيارة الأربعينية للعام 2023 او العام 2022 او غيرها بل ان بعض الصحف الباكستانية ذكرت هذه المعلومة وانهم قد تسربوا خلال الاعوام الماضية , فالعبرة ليست في دخولهم في محرم الماضي بل بهذا العدد الكبير والذي يهدد الامن الاجتماعي والاقتصادي , وادعى انهم لم يختفوا بل تخلفوا , وما علاقتنا نحن بهذه التفاصيل فسواء عندنا الامر ان تخلفوا او اختفوا , المهم انهم لا زالوا يتواجدون على الاراضي العراقية , والاعجب انه يشكو حالهم وانهم قد تركوا للمجهول في العراق , وليت شعري بماذا اعلق وماذا اقول ؟! , ان كان الشاب العراقي يعيش التيه والضياع وان كان الوضع الاقتصادي الريعي على كف عفريت ؛ كيف نستطيع توفير العيش الرغيد للباكستاني ان كان ابن البلد نفسه محروم منه ؟! وهل مسؤوليتنا توفير هذه الضمانات للباكستانيين ؟!, نعم ان العراق بلد العجائب والغرباء والاجانب فهو يعطيهم ما لا يعطيه لأبنائه الاصلاء ... , وادعى انهم غير تابعين لاية جهة ؛ الا ان الواقع يشير الى خلاف ذلك , فالبعض منهم مرتبط بإحدى الشخصيات الدينية الباكستانية في النجف الاشرف , وغيرها , والطامة الكبرى انه لم يطالب بإرجاع هؤلاء لمخالفتهم القوانين بل طالب بترتيب اوضاعهم بما يضمن بقاءهم في العراق وبالتعاون مع الوزير العراقي , اذ لم يكتف بالأعداد الاخرى والمسجلة بصورة قانونية ولم يقتنع بالذين حصلوا على الجنسية العراقية بل طالب بإضافة هؤلاء الى قائمة ( عربون المودة والصداقة ) ...!!
بينما تقول وزارة العمل انها تحقق بالقضية، و اصدرت دائرة الاقامة بيانا حاولت من خلاله نسف ادعاء المسؤول الباكستاني حيث اشارت الى ان عدد الوافدين الباكستانيين الى العراق منذ بداية العام الحالي بلغ 84251 فيما غادر 88427 باكستانيا البلاد... , ولكن مختصين بالتحليل الرقمي قالوا إن هذا البيان لا ينفي امكانية تسرب 50 الف باكستاني كما يقول المسؤول الباكستاني ذلك، فمن الممكن ان من بين الـ84 الف باكستاني وافد تسرب 50 الف شخص منهم، بينما غادر 34 الف منهم من الوافدين الجدد، فضلا عن مغادرة 54 الف اخرين من الوافدين القدامى المتواجدين في العراق خصوصا مع حملات الترحيل التي بدأت وزارة الداخلية ووزارة العمل تقودها في العراق خلال العام الحالي... ؛ ويعني ذلك ان المغادرين ربما معظمهم من الوافدين السابقين والمنخرطين في سوق العمل بالفعل، بينما الـ50 الفا هم من الوافدين الجدد الذين تسربوا واختفوا لحين ترتيب اوضاعهم لزجهم في سوق العمل او لأغراض اخرى.
وبينما يقول الوزير الباكستاني انه سيلتقي قريبا بوزير العمل العراقي احمد الاسدي , بشأن ترتيب اوراق هؤلاء المخالفين , وضمان بقاءهم في العراق , وتوفير فرص عمل لهم , وحمايتهم , يصرح الوزير العراقي احمد الاسدي في بيان رسمي كما مر عليكم انفا , بما يلي : اِن المعلوماتِ عن تسرُبِ نحو خمسين ألف وافدٍ باكستاني للعمل بشكل غيرِ قانوني في العراق ستكون محلَ تحقيق من قبل السلطات العراقية لاتخاذِ الإجراءاتِ القانونية المناسبة بحق هؤلاء. وأكد الأسدي أن العراق شهد توافدَ سُياح من مختلِف البلدان خلال الأيام الماضية ومن بينِهم باكستانيون، إلا أن العديدَ منهم بدأوا بالانخراطِ في سوق العمل دونَ تصاريحَ قانونيةٍ وأن الوزارة لن تتهاونَ في اتخاذِ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين... ؛ ولا ندري بمن نصدق ومن نكذب , وهذه ليست المرة الاولى ولا الاخيرة , والتي تنعدم فيها الشفافية ويفقد فيها الصدق والاحصاءات الحقيقية , او التي تتعارض فيها تصريحات المسؤولين وتختلف اراء المحللين واقوال الاعلاميين , فقد تعود الشعب العراقي على هذه الفوضى واللف والدوان والضحك على الذقون واخفاء الحقائق والوقائع .